للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيره؛ لأنه لم يترك بعده مالًا، ولا أوصى إلى عليّ -رضي الله عنه-، ولا إلى غيره، بخلاف ما تزعمه الشيعة، وأما الأرض التي كانت له -صلى الله عليه وسلم- بخيبر، وفَدَك، فقد سَبّلها في حياته، ونجّز الصدقة بها على المسلمين (١).

وأما السلاح والبغلة ونحو ذلك، فقد أخبر بأنها لا تورث عنه، بل جميع ما يَخلُفه صدقةٌ، فلم يبق بعد ذلك ما يوصي به، من الجهة المالية، وأما الوصايا بغير ذلك، فلم يُرد ابن أبي أوفى نفيها.

قال في "الفتح": ويَحْتَمِل أن يكون المنفيّ وصيته إلى عليّ -رضي الله عنه- بالخلافة، كما وقع التصريح به في حديث عائشة -رضي الله عنها- الذي بعده، ويؤيده ما وقع في رواية الدارميّ عن محمد بن يوسف، وكذلك عند ابن ماجه، وأبي عوانة، في آخر حديث الباب: "قال طلحة: فقال هُزَيل بن شُرَحْبِيل: أبو بكر كان يتأمّر على وصيّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَدّ أبو بكر أنه كان وَجَد عهدًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فخَزَمَ أنفه بخزام"، وهُزَيل هذا -بالزاي مصغرًا- أحد كبار التابعين، ومن ثقات أهل الكوفة، فدلّ هذا على أنه كان في الحديث قرينة تُشعر بتخصيص السؤال بالوصية بالخلافة، ونحو ذلك، لا مطلق الوصية.

قال الحافظ: أخرج ابن حبان الحديث من طريق ابن عيينة، عن مالك بن مِغْوَل، بلفظٍ يزيل الإشكال، فقال: سئل ابن أبي أوفى، هل أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما ترك شيئًا يوصي فيه، قيل: فكيف أُمر الناس بالوصية؟ ولم يوص، قال: أوصى بكتاب الله.

وقال القرطبيّ: استبعاد طلحة واضحٌ؛ لأنه أطلق، فلو أراد شيئًا بعينه لخصّه به، فاعترضه بأن الله كتب على المسلمين الوصية، وأُمروا بها، فكيف لم يفعلها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟ فأجابه بما يدلّ على أنه أطلق في موضع التقييد، قال: وهذا يشعر بأن ابن أبي أوفى، وطلحة بن مصرِّف كانا يعتقدان أن الوصية واجبة، كذا قال. انتهى.

(قَالَ) عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- (أَوْصَى) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (بِكِتَابِ اللهِ عز وجل)؛


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٨٨.