للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اليمين في الجميع، والمالكيّة بأنه لا ينعقد أصلًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي ما قاله المالكيّ؛ لحديث: "إنما النذر ما ابتغي به وجه الله"، رواه أحمد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، فهو وإن كان في إسناده مقال، إلا أن له شواهد من حديث عقبة بن عامر، ومن حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهم-، كما بيّنته في "شرح النسائيّ".

والحاصل أن الأرجح أنه لا شيء في النذر في المكروه، وخلاف الأولى، والمباح المحض، والله تعالى أعلم.

وقال العلامة ابن قُدامة رحمه الله: الأصل في النذر الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، أما الكتاب، فقول الله عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧]، وقال تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩].

وأما السُّنَّة، فروت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، رواه البخاريّ.

وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"- قال عمران: لا أدري ذكر ثنتين، أو ثلاثًا، بعد قرنه- "ثم يجيء قوم ينذُرون، ولا يَفُون، ويخونون، ولا يؤتمنون، ويشهدون، ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السِّمَن"، رواه البخاريّ.

قال: وأجمع المسلمون على صحّة النذر في الجملة، ولزوم الوفاء به. انتهى (٢).

وقال ابن قُدامة أيضًا: صيغة النذر أن يقول: لله عليّ أن أفعل كذا، وإن قال: عليّ نذرُ كذا لزمه أيضًا؛ لأنه صرّح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله فعليّ صوم شهر، كان نذرًا. وإن قال: لله عليّ المشي إلى بيت الله، قال ابن عمر، في الرجل يقول: عليّ المشي إلى الكعبة لله، قال: هذا نذرٌ، فليمشِ، ونحوه عن القاسم بن محمد، ويزيد بن إبراهيم التيميّ، ومالك، وجماعة من العلماء، واختُلف فيه على سعيد بن المسيِّب، والقاسم بن محمد، فروي عنهما


(١) "الفتح" ١٥/ ٣٤٣ - ٣٤٤.
(٢) "المغني" لابن قُدامة رحمه الله ١٣/ ٦٢١.