٢ - (ومنها): أن من حلف بغير الله تعالى مطلقًا لا تنعقد يمينه، وسيأتي تمام البحث فيه أيضًا.
٣ - (ومنها): أن فيه الردّ على من قال: إن من قال: إن فعلت كذا كذا، فأنا يهوديّ، أو نصرانيّ، أو كافر أنه ينعقد يمينًا، ومتى فعل تجب عليه الكفّارة، وقد نُقل ذلك عن الحنفيّة، والحنابلة، ووجه الدلالة من الخبر أنه لم يحلف بالله، ولا بما يقوم مقام ذلك.
٤ - (ومنها): أن من قال: أقسمت لأفعلنّ كذا، لا يكون يمينًا، وعند الحنفيّة يكون يمينًا، وكذلك قال مالك، وأحمد، لكن بشرط أن ينوي بذلك الحلف بالله، وهو متّجه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا قال في "الفتح"، وعندي أنه غير متّجه؛ لأنه يصدق عليه أنه حلف بغير الله، ولا تنفعه النيّة المذكورة، وإلا فيلزمنا أن نجيز بالتأويل حلف من قال:"وأبي"؛ أي: أحلف برب أبي، وهو باطلٌ، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن الحلف بالأمانة ليس يمينًا؛ لانتفاء الاسم والصفة، وبه قال الشافعيّ، حكاه عنه الخطّابيّ. قال وليّ الدين: والذي في كتب أصحابنا أنه إذا قال: عليّ أمانة الله لأفعلنّ كذا، وأراد اليمين، فهو يمين، وإن أراد غير اليمين كالعبادات، فليس يمينًا، وإن أطلق فوجهان، أصحّهما أنه ليس يمينًا؛ لتردّد اللفظ، وقد فُسّرت الأمانة في قوله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الآية [الأحزاب: ٧٢] بالعبادات، وقال المالكيّة: يكره الحلف بأمانة الله، وفيه الكفّارة إن قصد الصفة. وقال الحنابلة: إن قال: وأمانةِ الله، فهو يمين، وإن قال: والأمانة لم يكن يمينًا إلَّا أن ينوي صفة الله. وعن أحمد رواية أخرى أنه يمين مطلقًا.
وحكى الخطّابيّ عن أصحاب الرأي أنه إذا قال: وأمانة الله كان يمينًا، ولزمته الكفّارة فيها. وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح، عن بريدة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من حلف بالأمانة، فليس يمينًا".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما تقدّم عن الإمام الشافعيّ رحمه الله من أن الحلف بالأمانة ليس يمينًا مطلقًا هو الحقّ؛ لدخوله في نهي: "من كان