للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرج له المصنّف، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، وليس له عندهم إلا هذا الحديث، وأعاده المصنّف بعده.

والباقون تقدّموا في الباب الماضي، وقبل بابين.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَمِينُكَ) مبتدأ خبره

قوله: (عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ) قال القرطبيّ رحمه الله: يعني: أن يمينك التي يجوز لك أن تحلفها؛ هى التي تكون صادقة في نفسها، بحيث لو اطَّلع عليها صاحبك لعَلِمَ أنها حقّ وصدقٌ، وأن ظاهر الأمر فيها كباطنه، وسِرَّه كعَلَنِه، فيصَدّقك فيما حلفت عليه، فهذا خطاب لمن أراد أن يُقْدِم على يمين، فحقُّه أن يَعْرِض اليمين على نفسه، فإن رآها كما ذكرناه حلف إن شاء، وإلا أمسك؛ فإنَّها لا تحل له، هذا فائدة هذا اللفظ.

فأمَّا قوله: "اليمين على نيّة المستحلف" فمقصوده: أن من توجَّهت عليه يمين في حق ادُّعي عليه به؛ فحلف على ذلك لفظًا، وهو ينوي غيره، لم تنفعه نيَّته، ولا يخرج بها عن إثم تلك اليمين، ويظهر من كلام الأئمة على هذين الحديثين: أن معنى الأول مردودٌ إلى الثاني، وما ذكرته أَوْلى إن شاء الله تعالى، ويتبيَّن لك ذلك من سياق اللفظين. فتأملهما تجد ما ذكرته.

وإذا تقرر هذا؛ فاعلم: أن اليمين إما أن يتعلَّق بها حقّ لآدمي أو لا، فإن لم يتعلَّق بها حق لآدمي، وجاء صاحبها مستفتيًا، ولم يضبط بشهادة؛ فله نيّته، قال القاضي: ولا خلاف في ذلك نعلمه، وأما إن حلف لغيره في حق عليه؛ فلا خلاف أنه يُحكم عليه بظاهر يمينه إذا قامت عليه بيّنَة، سواء حلف متبرعًا، أو مُسْتَحْلفًا، وأمَّا فيما بينه وبين الله تعالى: فاختلف فيه قول مالك وأصحابه اختلافًا كثيرًا، فقيل: على نية المحلوف له. وقيل: على نية الحالف، وقيل: إن كان مستحلفًا؛ فاليمين على نيِّة المحلوف له. وإن كان متبرعًا؛ فعلى نيِّة الحالف. وهو ظاهر قول مالك، وابن القاسم. وقيل: عكسه. وقيل: تنفعه نيَّته فيما لا يقضى عليه فقط.

ورُوي عن مالك: إن كان على وجه المكر والخديعة؛ فهو آثم، وإن كان