للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باب رَمَى: إذا عطفتُه، ورددتُه، وَثَنَيْتُهُ عن مراده: إذا صرفتُهُ عنه، وعلى هذا فالاستثناء صرف العامل عن تناول المستثنى، ويكون حقيقةً في المتّصل، وفي المنفصل أيضًا؛ لأن "إلا" هي التي عدَّت الفعل إلى الاسم حتى نصبه، فكانت بمنزلة الهمزة في التعدية، والهمزةُ تُعدّي الفعلَ إلى الجنس، وغير الجنس حقيقةً وفاقًا، فكذلك ما هو بمنزلتها. انتهى (١).

وقال في "الفتح": الاستثناء: استفعالٌ من الثُّنْيا -بضمّ المثلّثة، وسكون النون، بعدها تحتانيّةٌ- ويقال لها: الثَّنْوَى أيضًا بواو بدل الياء، مع فتح أوّله، وهي من ثنيت الشيء: إذا عطفته، كان المستثنيَ عطف بعض ما ذكره؛ لأنها في الاصطلاح إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، وأدواتها "إلّا" وأخواتها، وتُطلق أيضًا على التعاليق، ومنها التعليق على المشيئة، وهو المراد في هذه الترجمة، فإذا قال: لأفعلنّ كذا، إن شاء الله تعالى، استثنى، وكذا إذا قال: لا أفعل كذا إن شاء الله، ومثله في الحكم أن يقول: إلا أن يشاء الله، أو إلا إن شاء الله، ولو أتى بالإرادة، والاختيار بدل المشيئة جاز، فلو لم يفعل إذا أثبت، أو فعل إذا نفى، لم يَحنَث، فلو قال: إلا إن غيّر الله نيّتي، أو بدّل، أو إلا أن يبدُو لي، أو يظهر، أو إلا أن أشاء، أو أريد، أو أختار، فهو استثناء، لكن يُشترط وجود المشروط. انتهى (٢).

وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٤٢٧٧] (١٦٥٤) - (حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ -وَاللَّفْظُ لأَبِي الرَّبِيعِ- قَالَا: حَدَّثنا حَمَّاد -وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ- حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرأَةً، فَقَالَ: لأَطُوفَنَّ عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ، فتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَ غُلَامًا فَارِسًا، يُقَاتِلُ في سَبِيلِ اللهِ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَة، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ").


(١) "المصباح المنير" ١/ ٨٥.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٣٩٢، كتاب "كفّارات الأيمان" رقم (٦٧١٨).