للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولو تَبَيَّنَ له خطؤه، وأصل اللَّجَاج في اللغة: هو الإصرار على الشيء مطلقًا، يقال: لَجَجْتُ أَلِجّ، بكسر الجيم في الماضي، وفتحها في المضارع، ويجوز العكس، قاله في "الفتح" (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: لَجَّ في الأمر لَجَجًا، من باب تَعِبَ، ولَجَاجًا، ولَجَاجَةً، فهو لَجُوج، ولَجُوجَةٌ مبالغةٌ: إذا لازم الشيءَ، وواظبه، ومن باب ضرب لغةٌ، قال ابن فارس: اللَّجَاجُ: تَمَاحُك الخصمين، وهو تماديهما، واللَّجَّةُ بالفتح: كثرة الأصوات، قال:

فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عَنْ فُلِ

أي: في ضَجّة، يقال فيها ذلك، والتَجَّتِ الأصوات: اختلطت، والفاعل: مُلْتَجٌّ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: اللجاج في اليمين هو المضيّ على مقتضاها، وإن لزم من ذلك حرَجٌ ومشقّةٌ، أو ترك ما فيه منفعةٌ عاجلةٌ، أو آجلةٌ، فإن كان فيه شيء من ذلك فالأَولى له أن تحنيث نفسه، وفعل الكفّارة. انتهى (٣).

(أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ) بالمدّ: أصله: أأثم بوزن أفعل التفضيل؛ أي: أشدّ إثمًا (لَهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي فَرَضَ اللهُ") وفي رواية أحمد عن عبد الرزاق: "من أن يعطي كفارته التي فرض الله".

قال النوويّ رحمه الله: معنى الحديث: أنّ مَن حَلَف يمينًا تتعلق بأهله، بحيث يتضررون بعدم حنثه فيه، فينبغي أن يَحْنَث، فيفعلَ ذلك الشيء، ويُكفِّر عن يمينه، فإن قال: لا أحنث، بل أتورَّع عن ارتكاب الحنث؛ خشيةَ الإثم، فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره على عدم الحنث، وإدامة الضرر على أهله أكثر إثمًا من الحنث، واللجاج في اللغة: هو الإصرار على الشيء، قال: فهذا مختصر بيان معنى الحديث، ولا بد من تنزيله على ما إذا كان الحنث ليس بمعصية. انتهى.

قال: وأما قوله: "آثم" فخرج على لفظ المفاعلة المقتضية للاشتراك في


(١) "الفتح" ١٥/ ٣٥٤ رقم (٦٦٢١).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٩.
(٣) "المفهم" ٤/ ٦٤٣.