للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ببقاء ذلك عليه زال استبعاده، ووجب تسليمه لذلك القول وانقياده، قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وقوله: (فَلْيَبِعْهُ") هكذا صرّح المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ- أن رواية عيسى بن يونس بلفظ: "فليبعه"، من البيع، بخلاف رواية زهير، فإنها بلفظ: "فليُعنه"، من الإعانة، والذي وقع في رواية أبي داود الآتية في التنبيه بلفظ: "فليُعنه"، كرواية زهير، والظاهر أن المصنف وقع له بلفظ البيع، كما وقع لأبي داود بلفظ الإعانة.

قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا -يعني قوله: "فليبعه"- وَهَمٌ، والصواب: "فليُعنه"، كما رواه الجمهور. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فليبعه وفي رواية: "فليُعنه عليه"، وهذه الثانية هي الصواب الموافقة لباقي الروايات. انتهى (٣).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فإن كلفتموهم فأعينوهم أي: إن أخطأتم فوقع ذلك منكم، فارفعوا عنهم ذلك بأن تعينوهم على ذلك العمل، فإن لم يمكنكم ذلك فبيعوهم؛ كما جاء في الرواية الأخرى ممن يرفق بهم. انتهى (٤).

وقال بعضهم: معنى "فليبعه" أن السيّد إذا كلّف عبده ما يعجز عنه، فإنه قد عجز عن القيام بحقّ عبده، فالواجب عليه حينئذ أن لا يمسكه عنده، بل يبيعه لآخر؛ لأنه لو أمسكه أثم بتكليفه ما لا يُطيق، وإن كان ذلك الأمر الشاقّ من ضروراته، ولم يكلّف العبد به، فإن وجود العبد عنده لا يفيده، فالأحسن أن يبيعه، ويشتري مكانه آخر أقوى منه، قال: ولكن هذه الرواية مرجوحة، والمحفوظ عن أكثر الثقات: "فليُعِنه"؛ يعني: أنه إن كلّف السيد عبده ما يشقّ عليه، فليُعنه على ذلك بنفسه، أو بغيره، وهذا المعنى واضح جدًّا، والله تعالى أعلم (٥).


(١) "المفهم" ٤/ ٣٥٢.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ١/ ٣٣٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٤) "المفهم" ٤/ ٣٥٢.
(٥) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٢/ ٢٣٧.