للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون تقدّموا في الباب الماضي، وقبل بابين.

شرح الحديث:

(عَنِ الْعَجْلَانِ مَوْلَى فَاطِمَةَ) بنت عتبة المدنيّ، والد محمد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُ قَالَ: "لِلْمَمْلُوكِ) جارّ ومجرور خبر مقدّم لقوله: (طَعَامُهُ) بفتح الطاء: اسم لما يؤكل، كالشَّراب: اسم لما يشرب، قاله الفيّومي -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

(وَكِسْوَتُهُ)؛ أي: لباسه، وزاد في رواية أبي عوانة، من طريق مالك، عن ابن عجلان، عن أبيه: "بالمعروف"، والكسوة بكسر الكاف، وضمّها لغتان، والكسر أفصح، وبه جاء القرآن الكريم، والجمع كُسًى، بالضمّ، كمُدْية ومُدًى.

وهذا الحديث بمعنى حديث أبي ذر -رضي الله عنه- الماضي: "فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون"، ونبّه بالطعام، والكسوة على سائر الْمُؤَن التي يحتاج إليها العبد، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

(وَلَا يُكَلَّفُ) بالبناء للمفعول، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وكَلِفْتُ الأمرَ، من باب تَعِبَ: حَمَلتُهُ على مشقة، ويتعدّى إلى مفعول ثانٍ بالتضعيف، فيقال: كَلَّفْتُهُ الأمرَ، فتكلّفه، مثلُ حَمَّلتُهُ، فتحمّله وزنًا ومعنًى على مشقّة أيضًا، قال: والْكُلْفة: ما تُكلَّفه على مشفة، والجمع كُلَفٌ، مثلُ غُرْفة وغُرَفٍ، والتكاليف: الْمَشاقّ أيضًا، الواحدة تَكْلِفَةٌ. انتهى (٣). وقوله: (مِنَ الْعَمَلِ) بيان مقدّم لقوله: (إِلَّا مَا يُطِيقُ") بضمّ أوله، من الإطاقة رباعيًّا، يقال: أطقتُ الشيءَ إطاقةً: قَدَرتُ عليه، فأنا مُطيقٌ، والاسم: الطاقةُ، مثلُ الطاعة، من أطاع، ويقال: طوّقته الشيءَ: جعلته طَوْقَهُ، ويُعبّر به عن التكليف، وطَوْقُ كلِّ شيءٍ: ما استدار به، ومنه قيل للحمامة: ذاتُ طَوْق (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "للمملوك طعامه، وكسوته"؛ أي: يجب ذلك له على سيده، كما قال في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "يقول عبدك: أنفق عليّ،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٣٤.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٧ - ٥٣٨.
(٤) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٣٨١.