والمجرور هذا خبر مقدّم لقوله:(وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ لأنه محكيّ؛ لقصد لفظه، فهو مبتدأ مؤخّر، فتنبّه. ("نِعِمَّا لِلْمَمْلُوكِ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هي "نعم" التي للمدح، زيدت عليها "ما" النكرة، وهي في موضع نصب على التمييز، كقوله تعالى:{فَنِعِمَّا هِيَ}[البقرة: ٢٧١]. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: إعراب "ما" نكرة منصوبة على التمييز هو أحد الوجهين اللذين ذكرهما المعربون، والثاني أنها اسم معرفة، وهي الفاعل، وإلى هذين الوجهين أشار ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" بقوله:
وقال النوويّ - رحمه الله -: أما "نعما" ففيها ثلاث لغات، قرئ بهنّ في السبع: إحداها: كسر النون مع إسكان العين، والثانية كسرهما، والثالثة فتح النون مع كسر العين، والميم مشددة في جميع ذلك؛ أي: نعم شيءٌ هو، ومعناه: نعم ما هو، فأدغمت الميم في الميم، قال القاضي عياض: ورواه العذري: "نعمًى" بضم النون، منونًا، وهو صحيح؛ أي: له مسرة، وقرة عين، يقال: نُعْمًا له، ونِعْمةً له. انتهى.
(أَنْ يُتَوَفَّى) بالبناء للمفعول؛ أي: يميته الله تعالى، ولفظ أبي عوانة: "أن يتوفّاه الله"، وهو إشارة إلى أن العبرة بالخواتيم، وقوله:(يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللهِ) جملة حاليّة من النائب عن الفاعل، وهو بضمّ حرف المضارعة، من الإحسان، و"عبادةَ" منصوب على المفعوليّة، وقد تقدّم قريبًا معنى إحسان العبادة (وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ) بفتح الصاد المهملة: بمعنى الصحبة، وقوله: (نِعِمَّا لَهُ") كرّره للتأكيد.
ووقع في رواية البخاريّ بلفظ:"نعمّا لأحدهم يُحسن عبادة ربّه، ويَنصح لسيّده"، قال في "الفتح": قوله: "نعمّا" بفتح النون، وكسر العين، وإدغام الميم في الأخرى، ويجوز كسر النون، وتكسر النون، وتفتح أيضًا، مع إسكان العين، وتحريك الميم، فتلك أربع لغات، قال الزجاج:"ما، بمعنى الشيء، فالتقدير: نعم الشيء، ووقع لبعض رواة مسلم: "نعمى" بضم النون، وسكون العين، مقصورًا بالتنوين وغيره، وهو متجه المعنى إن ثبتت به الرواية، وقال