قيس بن سعد: أعتقت امرأته - أو رجل ستة أعبد لها عند الموت، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليس لها مال غيرهم، فأقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة".
قال أبو عمر: وقد ذكرنا طُرُق هذا الحديث بالأسانيد في "التمهيد". انتهى (١).
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن الوصيّة جائزة في المرض.
٢ - (ومنها): بيان أن العتق في مرض الموت جائزٌ، وأنه يُعتبر من الثلث.
٣ - (ومنها): بيان أن الوصية جائزة لغير الوالدين، والأقربين؛ لأن عتق العبيد في المرض وصية لهم، ومعلوم أنهم لم يكونوا بوالدين لمالكهم المعتِق لهم، ولا بأقربين له، وقد قال بأن الوصية لا تجوز إلا للأقربين غير الوارثين، ولا تجوز لغيرهم، ولا عند عدمهم طائفةٌ من التابعين، قاله ابن عبد البرّ - رحمه الله -.
٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن أفعال المريض كلَّها من عتق، وهبة، وعطية، كالوصية لا يجوز فيها أكثر من الثلث، وقد خالف في ذلك قوم، زعموا أن أفعال المريض في رأس ماله كأفعال الصحيح، ولم يجعلوا ذلك كالوصايا، قاله ابن البرّ - رحمه الله -أيضًا.
٥ - (ومنها): أن فيه إبطالَ السعاية التي زعمها أهل الكوفة، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الثانية - إن شاء الله تعالى -.
٦ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: في هذا الحديث دلالة لمذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وداود، وابن جرير، والجمهور، في إثبات القُرْعة في العتق ونحوه، وأنه إذا أَعتق عبيدًا في مرض موته، أو أوصى بعتقهم، ولا يَخرُجون من الثلث أُقرع بينهم، فيُعْتَق ثلثهم بالقرعة، وقال أبو حنيفة: القرعة باطلة، لا مدخل لها في ذلك، بل يُعتق من كل واحد قسطه، ويُستسعى في الباقي؛ لأنها خطر، وهذا مردود بهذا الحديث الصحيح، وأحاديث كثيرة. قال: وقوله في الحديث: "فأَعتَقَ اثنين، وأرقّ أربعةً" صريح