للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ما" النافية، وحذف مفعول "سمعت"، والتقدير: ما سمعت قبل اليوم مثل ما سمعت منك اليوم، وفي رواية: "فقال عنبسة: يا قوم ما رأيت كاليوم قطّ".

(قَالَ أَبُو قِلَابَةَ - فَقُلْتُ: أَتَتَّهِمُنِي يَا عَنْبَسَةُ؟) وفي رواية البخاريّ: "أترُدّ عليّ حديثي يا عنبسة؟ "، قال في "الفتح": كأن أبا قلابة فَهِمَ من كلام عنبسة إنكار ما حدّث به. انتهى (١).

(قَالَ) عنبسة (لَا)؛ أي: لا أتّهمك فيما حدّثت به من حديث العُكليين (هَكَذَا حَدَّثَنَا أنسُ بْنُ مَالِكٍ) - رضي الله عنه -، وفي رواية البخاريّ: "قال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه"، وهذا دالّ على أنَّ عنبسة كان سمع حديث الْعُكليين من أنس - رضي الله عنه -، وفيه إشعار بأنه كان غير ضابط له على ما حَدّث به أنس - رضي الله عنه -، فكان يظن أن فيه دلالة على جواز القتل في المعصية، ولو لم يقع الكفر، فلما ساق أبو قلابة الحديث تذكر أنه هو الذي حدّثهم به أنس - رضي الله عنه -، فاعترف لأبي قلابة بضبطه، ثم أثنى عليه (٢)، ولذا قال عنبسة بعده: (لَنْ تَزَالُوا بخَيْرٍ يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا دَامَ فِيكُمْ هَذَا)؛ يعني: أبا قلابة، وقوله: (أَوْ مِثْلُ هَذَا) "أو" فيه للشكّ من الراوي، وفي رواية البخاريّ: "والله لا يزال هذا الجند بخير، ما كان هذا الشيخ بين أظهرهم"، والمراد بالجند أهل الشام، كما بُيّن في هذه الرواية، وفي رواية: "والله لا يزال هذا الجند بخير ما أبقاك الله بين أظهرهم".

[تنبيه]: ساق البخاريّ - رحمه الله - حديث أبي قلابة هذا مطوّلًا في "كتاب الديات" من "صحيحه"، فقال:

(٦٨٩٩) - حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ، حدّثنا الحجاج بن أبي عثمان، حدّثني أبو رجاء من آل أبي قلابة، حدّثني أبو قلابة: أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس، ثم أَذِنَ لهم، فدخلوا، فقال: ما تقولون في القسامة؟ قال: نقول: القسامة الْقَوَد بها حقّ، وقد أقادت بها الخلفاء، قال لي: ما تقول يا أبا قلابة؟ ونَصَبَني للناس،


(١) "الفتح" ١٦/ ٩٦، كتاب "الديات" رقم (٦٨٩٩).
(٢) "الفتح" ١٦/ ٩٦ رقم (٦٨٩٩).