للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكرهم في هذا الكتاب، وقد عرفت عدد ما رواه لهم المصنّف فيه آنفًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَن) عبد الرحمن (بْنِ شِمَاسَةَ) قال القرطبيّ: رويناه بفتح الشين وضمّها، وأبوه من بني مَهْرَة قبيلة (الْمَهْرِيِّ) - بفتح، فسكون - تقدّم أنه نسبة إلى قبيلة من قُضاعة، أنه (قَالَ: حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ) - رضي الله عنه - (وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ) تقدّم أن موته كانت سنة (٤٣)، وهو ابن (٩٠) سنة.

و"السياق": بكسر السين، أي حال حضور الموت، ونزع الروح، قال المجد: ساق المريضُ سَوْقًا، وسِيَاقًا: شَرَع في نزع الروح (١).

وأصل السياق سِوَاق، فقُلبت الواو ياءً؛ لكسرة السين، أفاده الطيبيّ (٢).

(فَبَكَى طَوِيلًا) أي خوفًا من الله تعالى، وتذكّر أهل يوم القيامة، مع ما له من شرف صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلائه في الإسلام بلاء حسنًا، لكن حال عباد الله الصالحين دائمًا شدّة الخوف، والبكاء على التقصير مهما بلغت عبادته وطاعته (وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ) أي ابتعادًا من القوم الحاضرين؛ لئلا يشغلوه عما هو فيه من مناجاة ربّه، ومطالعة الآخرة (فَجَعَلَ ابْنُهُ) عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، وفي رواية الإمام أحمد في "مسنده" (٤/ ١٩٩) من طريق ابن المبارك، عن ابن لهيعة: فقال له ابنه عبد الله: لِمَ تبكي، أجَزَعًا على الموت؟، فقال: لا، ولكن مما بعدُ … (يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ): أي "يا أبي"، وفي نسخة: "يقول له: يا أبتاه ما يُبكيك؟ ".

[تنبيه]: أصل "يا أبتي"، يا أبي، والقاعدة أن ما أضيف إلى ياء المتكلّم، وكان صحيح الآخر جاز فيه خمسة أوجه، جمعها ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:

وَاجْعَلْ مُنَادًى صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا … كَـ"عَبْدِ" "عَبْدِي" "عَبْدَ" "عَبْدِيَا"


(١) "القاموس المحيط" ص ٨٠٦.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤١٣.