قال النوويّ - رحمه الله -: قوله: (انكفأ) بهمز آخره؛ أي: انقلب، والأملح هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر.
وقوله:(جزيعة) بضم الجيم، وفتح الزاي، ورواه بعضهم: جَزِيعة بفتح الجيم، وكسر الزاي، وكلاهما صحيح، والأول هو المشهور في رواية المحدِّثين، وهو الذي ضبطه الجوهريّ وغيره من أهل اللغة، وهي القطعة من الغنم، تصغير جِزْعة، بكسر الجيم، وهي القليل من الشيء، يقال: جَزَعَ له من ماله؛ أي: قطع، وبالثاني ضبطه ابن فارس في "المجمل"، قال: وهي القطعة من الغنم، وكأنها فَعِيلة بمعنى مفعولة، كضَفِيرة بمعنى مضفورة.
قال القاضي عياض: قال الدارقطنيّ: قوله: "ثم انكفأ" إلى آخر الحديث وَهَمٌ من ابن عون فيما قيل، وإنما رواه ابن سيرين، عن أنس، فأدرجه ابن عون هنا في هذا الحديث، فرواه عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال القاضي: وقد رَوَى البخاريّ هذا الحديث عن ابن عون، فلم يَذكر فيه هذا الكلام، فلعله تركه عمدًا، وقد رواه أيوب، وقُرّة، عن ابن سيرين في كتاب مسلم في هذا الباب، ولم يذكروا فيه هذه الزيادة، قال القاضي: والأشبه أن هذه الزيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى، فوَهِم فيها الراوي، فذَكَرها مضمومة إلى خُطبة الحَجة، أو هما حديثان ضمّ أحدهما إلى الآخر.
وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في "كتاب الضحايا" من حديث أيوب، وهشام، عن ابن سيرين، عن أنس، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى، ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد، ثم قال في آخر الحديث:"فانكفأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كبشين أملحين، فذبحهما، فقام الناس إلى غُنيمة، فتوزّعوها"، فهذا هو