للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ في "تاريخه"، والترمذيّ في "جامعه" أنه سمع من أبيه، وإنما الذي لم يسمع من أبيه هو أخوه عبد الجبّار، وهو مذهب الإمام مسلم - رحمه الله -، حيث أخرج حديثه هنا مصرِّحًا بتحديث أبيه له، فما قاله في "تقريب التهذيب": إنه لم يسمع من أبيه غير صحيح، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) وائل - رضي الله عنه - (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

(لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ) وفي بعض النسخ: "إذ جاءه رجلٌ" (يَقُودُ آخَرَ)؛ أي: رجلًا آخر، قال صاحب "التنبيه": لا أعرف الرجلين، ولا المقتول. انتهى (١). (بِنِسْعَةٍ) - بنون مكسورة، ثم سين ساكنة، ثم عين مهملة -: هي حبلٌ من جلود مضفورة، قاله النوويّ - رحمه الله - (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "النِّسْعَةُ": ما ضُفّر من الأَدَم كالحبال، وجمْعُها أنساع، فإذا فُتل، ولم يُضفَّر، فهو الجديل، والْجَدْلُ: الفتل، وفيه من الفقه: العنف على الجاني، وتوثيقه، وأخْذ الناس له، حتى يُحضروه إلى الإمام، ولو لَمْ يُجعل ذلك للناس لفرّ الْجُناة، وفاتوا، ولَتعذّر نصر المظلوم، وتغيير المنكر. انتهى (٣).

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا قَتَلَ أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَقَتَلْتَهُ؟ " أي: أخا المدّعي (فَقَالَ) الرجل المدّعي (إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ)؛ أي: يُقرّ بقتله (أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه بيان أن الأصل في ثبوت الدماء الإقرار، أو البيّنة، وأما القسامة فعلى خلاف الأصل، كما تقدّم، وفيه استقرار المحبوس، والمتهدّد، وأَخْذه بإقراره، وقد اختَلفَ في ذلك العلماء، واضطرب مذهب مالك في إقراره بعد الحبس والتهديد، هل يُقبل جملةً، أو لا يقبل جملةً؟، والفرق: فيُقبل إذا عيَّن ما اعترف به، من قَتْل، أو سرقة، ولا يُقبل إذا لم يُعيِّن، ثلاثة أقوال. انتهى (٤).


(١) "تنبيه المعلم" ص ٢٨٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٧٢.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٢.
(٤) "المفهم" ٥/ ٥٢ - ٥٣.