للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إملاص المرأة بهمزة مكسورة، قال أهل اللغة: يقال: أملصَتْ به، وأزلقت به، وأمهلت به، وأخطأت به، كله بمعنى، وهو إذا وضعَتْه قبل أوانه، وكل ما زَلِق من اليد، فقد مَلِصَ، بفتح الميم، وكسر اللام، مَلَصًا، بفتحها، وأملص أيضًا، لغتان، وأملصته أنا، وقد ذكر الحميديّ هذا الحديث في "الجمع بين الصحيحين"، فقال: إملاص بالهمزة، كما هو المعروف في اللغة، قال القاضي: قد جاء: مَلِص الشيءُ: إذا أفلت، فإن أريدَ به الجنين صحّ مِلاصٌ، مثل لَزِمَ لِزامًا، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "في ملاص المرأة" كذا صحيح الرواية: "ملاص" بغير ألف، وقد وقع في بعض نسخ الأئمة: "إملاص"، وكذا قيَّده الحميديّ، وكلاهما صحيح في اللغة، فإنَّه قد جاء: أملص، ومَلِصَ (٢): إذا أفلت، قال الهرويّ: وسُئل عمر عن إملاص المرأة الجنين قال: يعني: أن تُزلقه قبل وقت الولادة، وكل ما زَلِق من اليد فقد مَلِصَ يَمْلَص، ومنه حديث الدَّجال: وأملصت به أمُّه. قال أبو العبَّاس: يقال: أملصت به، وأزلقت به. وأسهلت به، وخطأت به.

قلت: وإملاص فيما حكاه الهرويّ عن عمر هو المصدر؛ لأنَّه ذكر بعده الجنين، وهو مفعوله، وفيما ذكره مسلم: "مِلاص"، ويعني به: الجنين نفسه، فلا يتعدَّى هنا لأنه نُقل من المصدر المؤكد، فسمِّي به. فإن أصله: مَلِصَ يَمْلَص مِلاصًا؛ كـ "لَزِمَ يَلْزَم لِزَامًا". انتهى (٣).

وقال في "الفتح": وفي رواية البخاريّ في "الاعتصام" من طريق أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن المغيرة: "سأل عمر بن الخطاب في إملاص المرأة، وهي التي تُضرَب بطنها، فتُلقي جنينها، فقال: أيكم سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئًا؟ ". وهذا التفسير أخصّ من قول أهل اللغة: إن الإملاص أن تُزْلِقه المرأة قبل الولادة؛ أي: قبل حين الولادة، هكذا نقله أبو داود في "السنن" عن أبي عُبيد، وهو كذلك في "الغريب" له، وقال الخليل: أملصت المرأة،


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ١٨٠.
(٢) من باب فَرِحَ.
(٣) "المفهم" ٥/ ٦٨ - ٦٩.