للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[التاسع عشر]: ربع دينار فصاعدًا، من الذهب، على ما دلّ عليه حديث عائشة - رضي الله عنها -، ويُقطع في القليل والكثير، من الفضة، والعُروض، وهو قول ابن حزم، ونقل ابن عبد البر نحوه عن داود، واحتَجَّ بأن التحديد في الذهب ثبت صريحًا، في حديث عائشة، ولم يثبت التحديد صريحًا في غيره، فبقي عموم الآية على حاله، فيقطع فيما قل أو كثر، إلا إذا كان الشيء تافهًا، وهو موافق للشافعي، إلا في قياس أحد النقدين على الآخر، وقد أيده الشافعيّ بأن الصرف يومئذ، كان موافقًا لذلك، واستَدَلَّ بأن الدية على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم، وتقدم في قصة الأترجة قريبًا ما يؤيده، ويخرج من تفصيل جماعة من المالكية، أن التقويم يكون بغالب نقد البلد، إن ذهبًا فبالذهب، وإن فضة فبالفضة، تمام العشرين مذهبًا.

وقد ثبت في حديث ابن عمر، أنه - صلى الله عليه وسلم -، قطع في مِجَنّ قيمته ثلاثة دراهم، وثبت: "لا قطع في أقل من ثمن المجنّ"، وأقل ما ورد في ثمن المجنّ ثلاثة دراهم، وهي موافقة للنص الصريح في القطع، في ربع دينار، وإنما ترك القول بأن الثلاثة دراهم نصاب، يُقطع فيه مطلقًا؛ لأن قيمة الفضة بالذهب تختلف، فبقي الاعتبار بالذهب، كما تقدم، والله أعلم، ذكر ذلك كلّه في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأرجح هو ما ذهب إليه أحمد، وإسحاق، من أنه إذا كان المسروق ذهبًا، فالنصاب ربع دينار، وإن كان فضّةً، فالنصاب ثلاثة دراهم، وإن كان غيرهما، يُقطع إذا بلغت قيمته أحدهما، فإن هذا القول هو الموافق للحديث المتّفق عليه: "تُقطع اليد في ربع دينار"، وحديث: "قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجنّ قيمته ثلاثة دراهم"، فالحديث الثاني يدلّ على أن غير الذهب والفضّة يقوّم بهما، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[٤٣٩١] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرْنَا مَعْمَرٌ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرَيِّ، بِمِثْلِهِ فِي هَذَا الإِسْنَادِ).


(١) راجع: "الفتح" ١٥/ ٥٨٤ - ٥٨٦، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٨٩).