للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يضرّ، وقد اتَّفَق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح.

قال الحافظ: وقد وجدت له شاهدًا بسند قويّ، لكنه مرسل، أخرجه الحارث بن أبي أسامة، من رواية عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، رفعه: "لا يَحِلّ أن يُجْلَد فوق عشرة أسواط، إلا في حدّ"، وله شاهد آخر عن أبي هريرة، عند ابن ماجه، ستأتي الإشارة إليه. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَا يُجْلَدُ) - بضم أوله - بصيغة النفي، ولبعضهم بالجزم، ويؤيده ما وقع في رواية للبخاريّ بصيغة النهي: "لا تجلدوا(أَحَدٌ) مرفوع على أنه نائب الفاعل، (فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ) بنصب "فوقَ" على الظرفيّة لـ "يُجلَدُ"، وفي رواية يحيى بن أيوب، وحفص بن ميسرة: "فوق عشر جَلَدات وفي رواية عليّ بن إسماعيل بن حماد: "لا عقوبة فوق عشر ضَرَبات" (٢). (إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ") قال في "الفتح": ظاهره أن المراد بالحدّ ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد، أو الضرب مخصوص، أو عقوبةٌ مخصوصةٌ، والمتفق عليه من ذلك أصل الزنا، والسرقة، وشرب المُسْكر، والْحِرابة، والقذف بالزنا، والقتل، والقصاص في النفس، والأطراف، والقتل في الارتداد، واختُلِف في تسمية الأخيرين حدًّا، واختُلِف في أشياء كثيرةً، يَستحق مرتكبها العقوبةَ، هل تسمى عقوبته حدًّا أو لا؟ وهي: جحد العارية، واللواط، وإتيان البهيمة، وتحميل المرأة الفحل من البهائم عليها، والسِّحاق، وأكل الدم، والميتة في حال الاختيار، ولحم الخنزير، وكذا السحر، والقذف بشرب الخمر، وترك الصلاة تكاسلًا، والفطر في رمضان، والتعريض بالزنا.

وذهب بعضهم إلى أن المراد بالحدّ في حديث الباب حقّ الله تعالى، قال ابن دقيق العيد: بلغني أن بعض العصريين قرر هذا المعنى بأن تخصيص الحدّ بالمقدَّرات المقدَّم ذِكْرها أمر اصطلاحيّ من الفقهاء، وأن عُرف الشرع أوَّلَ الأمر كان يُطلق الحدّ على كل معصية كبرت أو صغرت.


(١) "الفتح" ١٥/ ٦٩٧ - ٦٩٨، كتاب "الحدود" رقم (٦٨٤٨).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٦٩٧ - ٦٩٨، كتاب "الحدود" رقم (٦٨٤٨).