للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفسدت بالنهار لا يضمنون، لحديث البراء - رضي الله عنه - المذكور، وهذا الجمع أولى من إلغاء أحد الحديثين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): فيما يتعلّق بقوله: "وفي الركاز الخمس"، وفيه مباحث:

(الأوّل): أن الركاز الذي يتعلّق به وجوب الخُمس هو ما كان من دِفْن الجاهليّة، هذا قول الحسن، والشعبيّ، ومالك، والشافعيّ، وأبي ثور، ويُعتبر ذلك بأن تُرى عليه علاماتهم؛ كأسماء ملوكهم، وصُوَرهم، وصُلُبهم، وصور أصنامهم، ونحو ذلك، فإن كان عليه علامات الإِسلام، أو اسم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو أحدٌ من خلفاء المسلمين، أو وَالٍ لهم، أو آية من القرآن، ونحو ذلك، فهو لُقَطة؛ لأنه مُلك مسلم، لم يُعلَم زواله عنه، وإن كان على بعضه علامة الإِسلام، وعلى بعضه علامة الكفر، فكذلك، كما نَصّ عليه أحمد في رواية عنه؛ لأنَّ الظاهر أنَّه صار إلى مسلم، ولم يُعلم زواله عن ملك المسلمين، فأشبه ما على جميعه علامة المسلمين. ذكره ابن قدامة - رحمه الله -، والله تعالى أعلم.

(الثاني): الكلام في موضع الركاز: وذلك أن موضعه لا يخلو من أربعة أقسام:

(أحدهما): أن يجده في موات، أو ما لا يُعلم له مالك، مثل الأرض التي يوجد فيها آثار المُلْك، كالأبنية القديمة، والتُّلُول، وجُدْران الجاهليّة،

وقبورهم. فهذا فيه الخمس بغير خلاف، سوى ما سبق عن الحسن.

(ثانيها): أن يجده في ملكه المنتَقِلِ إليه، فهو له في إحدى الروايتين عن أحمد، لأنه مال كافر مظهورٌ عليه في الإِسلام، فكان لمن ظهر عليه كالغنائم.

والرواية الثانية أنَّه للمالك قبله، إن اعترف به، وإن لم يعترف به فللذي قبله، إلى أول مالك، وهو مذهب الشافعيّ؛ لأنَّ يده كانت على الدار، فكانت على ما فيها.

(ثالثها): أن يجده في مُلك آدميّ مسلم معصوم، أو ذميّ. فعن أحمد ما يدلّ على أنَّه لصاحب الدار، وهو قول أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن. ونُقل عن أحمد ما يدلّ على أنَّه لواجده، وهو قول الحسن بن صالحٍ، وأبي ثور، واستحسنه أبو يوسف. وقال الشافعيّ: هو لمالك الدار، إن اعترف به، وإلا فلأول مالك؛ لأنه في يده.