إلى اليمن، وبعث معاذ بن جبل إلى اليمن أيضًا، وقال له:"بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله تعالى، قال:"فإن لم تجد؟ " قال: فبسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، قال:"الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِمَا يرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث في سنده مجهول، على أن بعضهم صححه؛ لشهرته، وتلقّي الناس له بالقبول، وقد أشبعت الكلام فيه في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" في الأصول، ورجّحت تصحيح من صححه، فراجعه هناك، والله تعالى أعلم.
قال: وبعث عمر شُريحًا على قضاء الكوفة، وكعب بن سوار على قضاء البصرة، وكتب إلى أبي عبيدة ومعاذ يأمرهما بتولية القضاء في الشام؛ لأنَّ أهل كل بلد يحتاجون إلى القاضي، ولا يمكنهم المصير إلى بلد الإمام، ومن أمكنه ذلك شقّ عليه، فوجب إغناؤهم عنه. انتهى (١) والله تعالى أعلم.
(المسألة السادسة): إذا أراد الإمام تولية قاض، فإن كان له خِبْرة بالناس، ويَعرف من يصلح للقضاء ولّاه، وإن لم يَعرف ذلك سأل أهل المعرفة بالناس، واسترشدهم على من يصلح، وإن ذُكر له رجل لا يعرفه أحضره وسأله، وإن عَرف عدالته، وإلا بحث عن عدالته، فإذا عرفها ولّاه، ويكتب له عهدًا يأمره فيه بتقوى الله، والتثبت في القضاء، ومشاورة أهل العلم، وتصفح أحوال الشهود، وتأمل الشهادات، وتعاهد اليتامى، وحفظ أموالهم، وأموال الوقوف، وغير ذلك، مما يحتاج إلى مراعاته، ثمَّ إن كان البلد الذي ولاه قضاءه بعيدًا، لا يستفيض إليه الخبر بما يكون في بلد الإمام، أحضر شاهدين عدلين، وقرأ عليهما العهد، أو أقرأه غيره بحضرته، وأشهدهما على توليته ليمضيا معه إلى بلد ولايته، فيقيما له الشهادة، ويقول لهما: اشهدا على أني قد ولّيته قضاء البلد الفلاني، وتقدمت إليه بما اشتمل هذا العهد عليه، وإن كان البلد قريبًا من بلد الإمام، يستفيض إليه ما يجري في بلد الإمام، مثل أن يكون بينهما خمسة أيام، أو ما دونها، جاز أن يكتفي بالاستفاضة، دون الشهادة؛