للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن النكرة في سياق النفي تعمّ، وأن الخاص يَقْضِي على العامّ، والْمُبَيَّنَ على الْمُجْمَل (١).

وقال القرطبيّ: في هذا الحديث ما يدلّ على أن النكرة في سياق النفي تعمّ؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - فهموا من ذلك العموم كلّ ظلم، وأقرّهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الفهم، وبيّن لهم أن المراد بذلك ظلم مخصوص. انتهى (٢).

واعترض القاضي عياض على من استدلّ بالحديث للعموم، فقال: وليس يظهر لي في هذا الحديث حجة للعموم مِن حمل بعض الصحابة الآية على ظلم الإنسان نفسه، وكل ظلم، بل أقول: إن طريقهم - رضي الله عنهم - فيه الطريقة الْمُثْلَى، والنظر الأَولى من حملهم لفظ الظلم على أظهر معانيه، وأكثر استعمالاته في مُحتَمَلاته، فإنه وإن كان يُطلق على الكفر وغيره لغةً وشرعًا، فعُرفُ استعماله غالبًا، والأظهر من مفهومه إطلاقه في التعسّف، والتعدّي، والعدول عن الحقّ في غير الكفر، كما أن لفظ الكفر يُطلق على معان، من جحد النعم، والحقوق، وسترها، لكن مجرَّد إطلاقه، وغالب شيوعه على ضدّ الإيمان، فعلى هذا وقع فهم الصحابة المراد بالظلم، وتأويلهم الآية، وإشفاقهم من ذلك؛ إذ ورد دون قرينة، ولا بيان يصرفه عن أظهر وجوهه إلى بعض مُحتَمَلاته، حتى بيّن لهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مراد ربه تعالى بما ذكره في الحديث. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله القاضي رادًّا على من استدلّ للعموم بالحديث هو عين ما قاله المستدلّون، فمن تأمّل حقيقة ما قرّره وجده هو معنى ما قالوه، والحقّ أن استدلالهم صحيح، كما سبق في تحقيق القرطبيّ، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أن اللفظ يُحْمَل على خلاف ظاهره؛ لمصلحة دفع التعارض.

٥ - (ومنها): أن المعاصي لا تُسَمَّى شركًا.


(١) راجع: "الفتح" ١/ ١١١.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٣٥.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٥٠٨ - ٥٠٩.