للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): استحباب المواساة في الزاد، وجَمْعه عند قلّته.

٤ - (ومنها): جواز أكل بعضهم مع بعض في هذه الحالة، وليس هذا من الربا في شيء، وإنما هو من نحو الإباحة، وكل واحد مبيح لرُفْقته الأكل من طعامه، وسواء تحقق الإنسان أنه أكل أكثر من حصته، أو دونها، أو مثلها، فلا بأس بهذا، لكن يستحب له الإيثار، والتقلّل، لا سيما إن كان في الطعام قلّة، قاله النوويّ - رحمه الله - (١).

٥ - (ومنها): ما قال ابن بطّال - رحمه الله -: استنبط منه بعض الفقهاء أنه يجوز للإمام في الغلاء إلزام من عنده ما يفضل عن قوته أن يُخرجه للبيع؛ لِمَا في ذلك من صلاح الناس (٢).

٦ - (ومنها): أن فيه معجزتين ظاهرتين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهما تكثير الطعام، وتكثير الماء، هذه الكثرة الظاهرة، قال المازريّ: في تحقيق المعجزة في هذا أنه كلما أُكِل منه جزء، أو شُرب جزء خلق الله تعالى جزءًا آخر يخلفه. قال: ومعجزات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضربان:

أحدهما: القرآن، وهو منقول تواترًا.

والثاني: مثل تكثير الطعام والشراب، ونحو ذلك، ولك فيه طريقان:

أحدهما: أن تقول: تواترت على المعنى، كتواتر جود حاتم طيئ، وحلم الأحنف بن قيس، فإنه لا يُنقَل في ذلك قصة بعينها متواترة، ولكن تكاثرت أفرادها بالآحاد حتى أفاد مجموعها تواتر الكرم، والحلم، وكذلك تواتر انخراق العادة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بغير القرآن.

والطريق الثاني: أن تقول: إذا روى الصحابيّ مثل هذا الأمر العجيب، وأحال على حضوره فيه، مع سائر الصحابة، وهم يسمعون روايته، ودعواه، أو بلغهم ذلك، ولا ينكرون عليه، كان ذلك تصديقًا له، يوجب العلم بصحة ما قال (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٣٤.
(٢) راجع: شرح البخاريّ" لابن بطال - رحمه الله - ٥/ ١٤٤.
(٣) راجع: "شرح النوويّ ١٢/ ٣٤.