للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (عِنْدَ اسْتِهِ) بوصل الهمزة؛ أي: دُبُره، قال الفيّوميّ رحمه الله: الإِسْتُ: الْعَجُزُ، ويراد به حَلْقَةُ الدُّبُر، والأصل سَتَةٌ بالتحريك، ولهذا يُجْمَع على أَسْتَاهٍ، مثلُ سَبَبٍ وأَسْباب، ويُصَغَّر على سُتَيْهٍ، وقد يقال: سَة بالهاء، ولسَتٌ بالتاء، فيُعْرَب إعراب يَدٍ، ودَمٍ، وبعضهم يقول في الوصل بالتاء، وفي الوقف بالهاء، على قياس هاء التأنيث، قال الأزهريّ: قال النحويون: الأصل سَتْهٌ بالسكون، فاستثقلوا الهاء؛ لسكون التاء قبلها، فحذفوا الهاء، وسَكَنَتِ السينُ، ثم اجْتُلبت همزةُ الوصل، وما نقله الأزهريّ في توجيهه نظرٌ؛ لأنهم قالوا: سَتِهَ سَتَهًا، من باب تَعِبَ: إذا كَبُرَت عَجِيزته، ثمّ سمي بالمصدر، ودخله النقص بعد ثبوت الاسم، ودعوى السكون لا يشهد له أصل، وقد نسبوا إليه: سَتَهِيٌّ، بالتحريك، وقالوا في الجمع: أَسْتَاهٌ، والتصغيرُ، وجمعُ التكسير يردّان الأسماء إلى أصولها. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "عند استِهِ " معناه - والله أعلم -: عند مَقْعَده؛ أي: يلزم اللواء به، بحيث لا يقدر على مفارقته؛ ليمرّ به الناس، فيروه، ويعرفوه، فيزداد خَجَلًا، وفَضِيحةً عند كل من مرَّ به. اشهى (٢).

وقال ابن الْمُنَيِّر رحمه الله: كأنه عومل بنقيض قصده؛ لأن عادة اللواء أن يكون على الرأس، فنُصِبَ عند السفل زيادةً في فضيحته؛ لأن الأعين غالبًا تمتدّ إلى الألوية، فيكون ذلك سببًا لامتدادها إلى التي بدت له ذلك اليوم، فيزداد بها فضيحة. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه المصنف هنا [٤/ ٤٥٢٧ و ٤٥٢٨] (١٧٣٨)، و (الترمذي) في "جامعه" (٢٣٣٦)، و (النسائي) في "الكبرى" (٨٦٨٢)، و (أحمد) في "مسنده" (١١٠٣٨)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٢١.
(٣) راجع: "الفتح" ٧/ ٤٨٥، كتاب "الجزية" رقم (٣١٨٦).