للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبَد في الأرض"، رواه مسلم.

وأخرج أحمد من طريق يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، قال: "كان من دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد حُنين: اللهمّ إن شئت أن لا تُعبد بعد اليوم" (١).

قال في "الفتح": وإنما قال ذلك؛ لأنه عَلِمَ أنه خاتم النبيين، فلو هَلَك هو ومن معه حينئذٍ لم يُبْعَث أحد ممن يدعو إلى الإيمان، ولاستمر المشركون يعبدون غير الله، فالمعنى: لا يُعْبَد في الأرض بهذه الشريعة. انتهى (٢).

قال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: فيه التسليم لقَدَر الله تعالى، والردّ على غُلاة القدرية الزاعمين أن الشر غيرُ مراد، ولا مُقَدَّر، تعالى الله عن قولهم، وهذا الكلام متضمِّن أيضًا لطلب النصر. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تسليم لأمر الله تعالى فيما شاء أن يفعله، وهو ردّ على غلاة المعتزلة، حيث قالوا: إن الشرّ غير مراد لله تعالى، وقد ردّ مذهبهم هذا نصوص الكتاب والسُّنَّة، كقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} الآية [المدثر: ٣١]، ومثله كثير. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله، ولم يُخرجه من أصحاب الأصول الستّة غيره.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٧/ ٤٥٣٦] (١٧٤٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ١٥٢ و ٢٥٢)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٧١٨)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (٦/ ٦٧)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٤/ ٢١٩)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) حديث صحيح. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" ٣/ ١٢١.
(٢) "الفتح" ٩/ ٢٠، كتاب "المغازي" رقم (٣٩٥٣).
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٨.
(٤) "المفهم" ٣/ ٥٢٦.