الحديد، واضعًا سيفه على فخذه، لا يتحرك منه عضو، وظن عبد الله أنه ثبت جراحًا، فأتاه من ورائه، فتناول قائم سيف أبي جهل، فاستله، ورفع بيضة أبي جهل عن قفاه، فضربه، فوقع رأسه بين يديه، فيُحْمَل على أن ذلك وقع له معه بعد أن خاطبه بما تقدم، والله أعلم. انتهى (١).
وقال في "العمدة": وذكر ابن هشام عن زياد، عن ابن إسحاق أن معاذ بن عمرو بن الجموح هو الذي قطع رجل أبي جهل بن هشام، وصرعه، وقال: وضرب ابنه عكرمة بن أبي جهل يد معاذ، فطرحها، ثم ضربه معوّذ ابن عفراء، حتى أثبته، وتركه وبه رَمَقٌ، ثم وقف عليه عبد الله بن مسعود، واحتز رأسه حين أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلتمسه في القتلى.
وفي "صحيح مسلم": أن ابني عفراء ضرباه حتى بَرَد - بالدال؛ أي: مات، وفي رواية: حتى بَرَكَ بالكاف؛ أي: سقط على الأرض، وكذا في البخاريّ في "باب قتل أبي جهل"، وادَّعَى القرطبي أنه وَهَمٌ التبس على بعض الرواة معاذ بن الجموح بمعاذ ابن عفراء.
وقال ابن الجوزيّ: ابن الجموح ليس من ولد عَفْراء، ومعاذ ابن عفراء ممن باشر قتل أبي جهل، فلعل بعض إخوته حضره، أو أعمامه، أو يكون الحديث: ابن عفراء، فغلط الراوي، فقال: ابنا عفراء.
وقال أبو عمر: أصحّ من هذا حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن ابن عفراء قتله.
وقال ابن التين: يَحْتَمِل أن يكونا أخوين لأم، أو يكون بينهما رضاع.
وقال الداوديّ: ابنا عفراء: سهل وسهيل، ويقال: معوّذ ومعاذ.
وروى الحاكم في "إكليله" من حديث الشعبيّ، عن عبد الرحمن بن عوف: حَمَلَ رجل كان مع أبي جهل على ابن عفراء فقتله، فحَمَل ابن عفراء الآخر على الذي قتل أخاه فقتله، ومَرّ ابن مسعود على أبي جهل، فقال: الحمد لله الذي أعزّ الإسلام، فقال أبو جهل: تشتمني يا رويعي هذيل، فقال: نعم والله، وأقتلك، فحذفه أبو جهل بسيفه، وقال: دونك هذا إذًا، فأخذه
(١) "الفتح" ٩/ ٣١ - ٣٢، كتاب "المغازي" رقم (٣٩٦٢).