للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خلاف، فعن الحسن البصريّ: أن سوء الظنّ بالمسلم، وحسده معفوّ عنه، وحملوه على ما يقع في النفس، مما لا يقدر على دفعه.

لكن من يقع له ذلك مأمورٌ بمجاهدته النفس على تركه.

[القسم الثاني]: أن يكون من أعمال الجوارح، كالزنا، والسرقة، فهو الذي وقع به النزاع، فذهبت طائفة إلى عدم المؤاخذة بذلك أصلًا.

ونُقل عن نصّ الشافعيّ، ويؤيّده ما وقع في حديث خُريم بن فاتك (١)، فإنه حيث ذكر الهمّ بالحسنة قال: "علم الله أنه أشعرها قلبه، وحرص عليها"، وحيث ذكر الهمّ بالسيّئة لم يقيّد بشيء، بل قال فيه: "ومن همّ بسيّئة لم تُكتب عليه"، والمقام مقام الفضل، فلا يليق التحجير فيه.

وذهب كثير من العلماء إلى المؤاخذة بالعزم المصمّم، وسأل ابن المبارك سفيان الثوريّ: أيؤاخذ العبد بما يهمّ به؟ قال: إذا جزم بذلك.

واستدلّ كثير منهم بقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، وحملوا حديث أبي هريرة المذكور في الباب على الخطرات، كما تقدّم.

ثم افترق هؤلاء، فقالت طائفةٌ: يُعاقب عليه صاحبه في الدنيا خاصّةً،


(١) هو ما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" بإسناد صحيح، ولفظه:
١ - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن الرُّكَين بن الرَّبِيع، عن أبيه، عن عمه، فلان بن عميلة، عن خريم بن فاتك الأسدي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الناس أربعة، والأعمال ستة، فالناس موسع عليه في الدنيا والآخرة، وموسع له في الدنيا، مقتور عليه في الآخرة، ومقتور عليه في الدنيا، موسع عليه في الآخرة، وشقي في الدنيا والآخرة، والأعمال: موجبتان، ومثل بمثل، وعشرة أضعاف، وسبع مائة ضعف، فالموجبتان: من مات مسلمًا مؤمنًا، لا يشرك بالله شيئًا، فوجبت له الجنة، ومن مات كافرًا، وجبت له النار، ومن همّ بحسنة فلم يعملها، فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه، وحرص عليها، كُتبت له حسنة، ومن همّ بسيئة، لم تكتب عليه، ومن عملها كتبت واحدة، ولم تضاعف عليه، ومن عمل حسنة، كانت له بعشر أمثالها، ومن أنفق نفقة في سبيل الله، كانت له بسبع مائة ضعف".
وعمّ الركين اسمه يُسير بن عميلة، وهو ثقةٌ.