للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم قال السبكيّ: لا يُعترض بأن عمر - رضي الله عنه - كان فَضّل عائشة - رضي الله عنها - في العطاء؛ لأنه عَلَّل ذلك بمزيد حبّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها.

قال الحافظ: وهذا ليس مما بدأ به؛ لأنَّ قسمة عمر كانت من الفتوح، وأما ما يتعلق بحديث الباب ففيما يتعلق بما خَلَّفه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه يبدأ منه بما ذُكِرَ.

وأفاد - رَحِمَهُ اللهُ - أنه يدخل في لفظ "نفقة نسائي": كسوتهنّ، وسائر اللوازم، وهو كما قال، ومن ثَمّ استمرت المساكن التي كُنّ فيها قبل وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلّ واحدة باسم التي كانت فيه. انتهى.

[تنبيه آخر]: قال القاضي عياض في تفسير صدقات النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المذكورة في هذه الأحاديث، قال: صارت إليه بثلاثة حقوق:

[أحدها]: ما وُهِب له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك وصية مُخيريق اليهوديّ له عند إسلامه يوم أحد، وكانت سبع حوائط في بني النضير، وما أعطاه الأنصار من أرضهم، وهو ما لا يبلغه الماء، وكان هذا مُلكًا له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[الثاني]: حقّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفيء، من أرض بني النضير، حين أجلاهم كانت له خاصّة؛ لأنَّها لَمْ يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب، وأما منقولات بني النضير، فحملوا منها ما حملته الإبل، غير السلاح، كما صالَحهم، ثم قَسَم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الباقي بين المسلمين، وكانت الأرض لنفسه، ويخرجها في نوائب المسلمين، وكذلك نصف أرض فدك صالح أهلها بعد فتح خيبر على نصف أرضها، وكان خالصًا له، وكذلك ثلث أرض وادي القري، أخذه في الصلح حين صالح أهلها اليهود، وكذلك حصنان من حصون خيبر، وهما: الوطيح، والسُّلالم (١)، أخذهما صلحًا.

[الثالث]: سهمه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خمس خيبر، وما افتتح فيها عَنْوة، فكانت هذه كلها مُلكًا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصّة، لا حقّ فيها لأحد غيره، لكنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يستأثر بها، بل ينفقها على أهله، والمسلمين، وللمصالح العامة، وكل هذه


(١) الوطيح؛ كشريف: حصن بخيبر، و"السُّلالم" بالضمّ: حصن بخيبر أيضًا، قاله في "القاموس".