للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عَنْ أبي الزُّبَيْرِ (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله) - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب) - رضي الله عنه - (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "لأُخْرِجَنَّ) اللام هي الموطّئة للقسمَ، و"أخرجنّ" جواب للقسم المقدّر؛ أي: والله لأخرجنّ (الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى، مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) "الجَزِيرَةُ"، مشتقّة من الْجَزْر، وهو الانحسار، سُمِّيت بذلك؛ لانحسار الماء عنها، يقال: جَزَرَ الماءُ جَزْرًا، من بابي ضَرَبَ، وقَتَلَ: إذا انحسر، وهو رجوعه إلى خلف.

قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأما "جَزِيرَةُ العَرَب": فقال الأصمعيّ: هي ما بين عَدَنِ أبْيَن إلى أطراف الشام طولًا، وأما العَرض فمن جُدّة، وما والاها، من شاطئ البحر إلى رِيف العراق، وقال أبو عُبيدة: هي ما بين حَفَر أبي موسى إلى أقصى تهامة طولًا، أما العرض فما بين يَبْرِين إلى مُنْقَطَع السماوة، والعاليةُ ما فوق نجد إلى أرض تهامة، إلى ما وراء مكة، وما كان دون ذلك إلى أرض العراق، فهو نجد، ونَقَل البكريّ أن جزيرة العرب: مكة، والمدينة، واليمن، واليمامة، وقال بعضهم: جَزِيرَةُ العَرَبِ: خمسة أقسام: تهامةَ، ونجد، وحِجازٍ، وعَروضٍ، وَيمَنٍ، فأما تِهَامَةُ: فهي الناحية الجنوبية من الحجاز، وأما نَجْدٌ: فهي الناحية التي بين الحجاز والعراق، وأما الحِجَازُ: فهو جبل يُقْبِل من اليمن حتى يتصل بالشام، وفيه المدينة، وعمان، وسُمّي حجازًا؛ لأنه حجز بين نجد وتهامة، وأما العَروض: فهو اليمامة إلى البحرين، وأما اليمن، فهو أعلى من تهامة، وهذا قريب من قول الأصمعيّ. انتهى (١).

وقال أبو عمر بن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال بعض أهل العلم: إنما سُمّي الحجاز حجازًا؛ لأنه حجر بين تهامة ونجد، وإنما قيل لبلاد العرب: جزيرة؛ لإحاطة البحر، والأنهار بها، من أقطارها، وأطرارها، فصاروا فيها في مثل جزيرة من جزائر البحر. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال الخليل: جزيرة العرب: معدنها، ومسكنها، وإنما قيل لها: جزيرة العرب؛ لأنَّ بحر الحبش، وبحر فارس، ودجلة،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٩٨ - ٩٩.
(٢) "التمهيد" ١/ ١٧٣.