للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسعد بن معاذ - رضي الله عنه - هو: سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاريّ الأشهليّ، أبو عمرو، سيّد الأوس، شَهِدَ بدرًا، واستُشهِد من سهم أصابه بالخندق، ومناقبه كثيرة - رضي الله عنه -، له عند البخاريّ رواية، وليس له عند مسلم رواية، بل له ذِكْر، كما هنا، فتنبّه.

(فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى سَعْدٍ) - رضي الله عنه - (فَأَتَاهُ)؛ أي: أتى سعد - رضي الله عنه - النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (عَلَى حِمَارٍ)؛ أي: حمال كونه راكبًا على حمار، (فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ) قيل: المراد: المسجد الذي كان النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعدّه للصلاة فيه في ديار بني قريظة أيام حصارهم، وليس المراد به المسجد النبويّ بالمدينة، لكن كلام ابن إسحاق يدلُّ على أنَّه كان مقيمًا في مسجد المدينة، حين بعث إليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليحكم في بني قريظة، فإنه قال: "كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل سعدًا في خيمة رُفَيدة عند مسجده، وكانت امرأةً تداوي الجرحي، فقال: اجعلوه في خيمتها؛ لأعوده من قريب، فلما خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بني قريظة، وحاصرهم، وسأله الأنصار أن ينزلوا على حكم سعد، أرسل إليه، فحملوه على حمار، ووَطّؤوا له، وكان جسيمًا"، فدل قوله: "فلما خرج إلى بني قريظة" أن سعدًا كان في مسجد المدينة، قاله في "الفتح" (١).

وقال القاضي عياض: قال بعضهم: قوله: "دنا من المسجد" كذا هو في البخاريّ، ومسلم، من رواية شعبة، وأراه وهمًا، إن كان أراد مسجد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنَّ سعد بن معاذ - رضي الله عنه - جاء منه، فإنه كان فيه، كما صُرِّح به في الرواية الثانية، وإنما كان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أَرسل إلى سعد نازلًا علي بني قريظة، ومن هناك أرسل إلى سعد؛ ليأتيه، فإن كان الراوي أراد مسجدًا اختطه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هناك كان يصلي فيه مدة مقامه، لَمْ يكن وَهَمًا، قال: والصحيح ما جاء في غير "صحيح مسلم"، "قال: فلما دنا من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو فلما طلع على النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، كذا وقع في كتاب ابن أبي شيبة، وسنن أبي داود، فَيَحْتَمِل أن المسجد تصحيف من لفظ الراوي، والله أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أنه لا وهم في قوله: "دنا من المسجد"؛


(١) "الفتح" ٩/ ٢١٣ - ٢١٤، كتاب "المغازي" رقم (٤١٢).