للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصر، وضرب - (١): إذا دام سيلانه، وغَذَا يَغْذُو: سال، كما قال في الرواية الأخرى: "فما زال يسيل حتى مات". انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "فإذا سعد جرحه يغِذُّ" بكسر الغين، وتشديد الذال عند كافة الرواة، وعند بعضهم: "يَغْذو"، ومعناه: يسيل، وهما لغتان، يقال: غَذَّ الجرحُ يغُذُّ مشددًا، وغذا يغْذو، وأنشد:

بطعْنٍ كَفَمِ الزّقِّ … غَذَا والزِّقُّ مَلآنُ

وعند ابن ماهان: "يصبُّ" مكان "يغذو"، وهو تفسير للَّفظ الأول. انتهى (٣).

(فَمَاتَ مِنْهَا)؛ أي: بسبب تلك الجراحة، فـ "من" سببيّة، وفي رواية ابن خزيمة في آخر هذه القصّة: "فإذا الدم له هَدِير"، ووقع في رواية علقمة بن وقاص، عن عائشة - رضي الله عنها -، عند أحمد: "فانفجر كَلْمُهُ، وكان قد بَرِئ، إلا مثل الْخُرْص"، وهو بضم الخاء المعجمة، وسكون الراء، ثم صاد مهملة، وهو من حليّ الأذن. ولمسلم في الرواية التالية: "فما زال الدم يسيل حتى مات".

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفق عليه، وقد مضى تخريجه قبل حديث.

(المسألة الثانية): في فوائده:

١ - (منها): جوازُ تمني الشهادة، وهو مخصوص من عموم النهي عن تمني الموت.

٢ - (ومنها): أن فيه تحكيمَ الأفضل مَن هو مفضول.

٣ - (ومنها): جواز الاجتهاد في زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي مسألة خلافيّة في أصول الفقه، والمختار: الجواز، سواء كان بحضور النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أم لا، وإنما استَبْعَد المانعُ وقوع الاعتماد على الظنّ مع إمكان القطع، ولا يضرّ ذلك؛ لأنه


(١) وفي "القاموس": غَذَّ الْجُرْحُ يَغُذُّ - أي: من باب نصر - ويَغِذّ - أي: من باب ضرب -: سال بما فيه؛ كأغذّ، أو وَرِمَ. انتهى.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٩٦.
(٣) "المفهم" ٣/ ٥٩٦.