للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أحاديث، منها:

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أدنى مقعد أحدكم … "، وذكر الحديث، وهكذا اطّرد له هذ الأسلوب في كتابه كلّه، وكذا فعله كثير من المؤلفين.

وأما البخاريّ، فإنه لم يسلك قاعدة مُطَّردةً، فتارةً يذكر أول حديث في النسخة، وَيعْطِف عليه الحديث الذي يساق الإسناد لأجله، كقوله في "كتاب الطهارة": حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نحن الآخرون السابقون"، وقال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم … " الحديث، فأشكل على قوم ذكره: "نحن الآخرون السابقون" في هذا الباب، وليس مراده إلا ما ذكرناه، وتارة يَقتصر على الحديث الذي يريده، وكأنه أراد بيان أن كِلا الأمرين جائز.

واما إعادة بعض المحدثين الإسناد آخر الكتاب أو الجزء، فلا يرفع هذا الخلاف الذي يَمنَع إفراد كل حديث بذلك الإسناد، ثم روايتها؛ لكونه لا يقع متصلًا بواحد منها، إلا أنه يفيد احتياطًا، وإجازةً بالغة من أعلى أنواعها، قاله في "التدريب" (١).

وقال في "الفتح" عند شرح هذا الحديث، ما نصّه: وهذا الحديث من نسخة همّام بن منبّه المشهورة المرويّة بإسناد واحد عن عبد الرزّاق، عن معمر، عنه، وقد اختَلَف العلماء في إفراد حديث من نسخة، هل يُساق بإسنادها، ولو لم يكن مبتدأ به، أو لا؟ فالجمهور على الجواز، ومنهم البخاريّ، وقيل: يمتنع، وقيل: يَبدأ أبدًا بأول حديث، ويذكر بعده ما أراد، وتوسّط مسلم، فأتى بلفظ يُشعر بأن المفرد من جملة النسخة، فيقول في مثل هذا إذا انتهى الإسناد: "فذَكَرَ أحاديث، منها كذا"، ثم يذكر أيَّ حديث أراد منها. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "تدريب الراوي على تقريب النواوي" ٢/ ١١٦ - ١١٨.
(٢) "الفتح" ١/ ١٢٤ "كتاب الإيمان" رقم الحديث (٤٢).