وقوله:(مِنْ شَحْمٍ)؛ أي: مشحون ذلك الجراب من شحم، (يَوْمَ خَيْبَرَ) ظرف لـ"أصبتُ". (قَالَ) عبد الله بن مغفّل - رضي الله عنه - (فَالْتَزَمْتُهُ)؛ أي: أخذت ذلك الجراب، وفي الرواية التالية:"فوثبتُ لآخذه"، وفي رواية البخاريّ:"فنزوت لآخذه"، وهو بمعنى وَثَبْت، (فَقُلْتُ) يَحْتَمِل أنه قال ذلك جهرًا، فلذا سمعه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتبسّم منه، ويَحْتَمِل أن يكون قاله في نفسه، وتبسّمه - صلى الله عليه وسلم - إنما هو لأخذه له، مسابقًا غيره. (لَا أعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا. قَالَ) عبد الله (فَالْتَفَتُّ) بضمّ التاء المشدّدة؛ لكون تاء الفعل أُدغمت في تاء المتكلّم، (فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)"إذا" هنا هي الفجائية؛ أي: ففاجأني حضوره - صلى الله عليه وسلم -، حال كونه (مُتَبَسِّمًا) تبسّم تعجّب على شدّة حرصه، وقد أخرج ابن وهب بسند مُعْضَل:"أن صاحب المغانم كعب بن عمرو بن زيد الأنصاريّ، أخذ منه الجراب، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: خَلِّ بينه وبين جرابه"، قال في "الفتح": وبهذا يتبيَّن معنى قوله: "فاستحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ولعله استحيا من فعله ذلك، ومن قوله معًا، وموضع الحجة منه عدم إنكار النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بل قوله في رواية مسلم:"فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبسمًا" يدلّ على رضاه بأخذه، بل زاد أبو داود الطيالسيّ في آخره:"فقال: هو لك"، وكأنه عَرَفَ شدّة حاجته إليه، فسوغّ له الاستئثار به (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مغفّل هذا متفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٥/ ٤٥٩٥ و ٤٥٩٦ و ٤٥٩٧](١٧٧٢)، و (البخاريّ) في "فرض الخمس"(٣١٥٣) و"المغازي"(٤٢١٤) و"الذبائح"(٥٥٠٨)، و (أبو داود) في "الجهاد"(٢٧٠٢)، و (النسائيّ) في "الضحايا"(٤٤٣٧)، و"الكبرى"(٤٥٢٤)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ٥٠٤ و ٧/ ٣٥٩)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(١/ ١٢٣)، و (أحمد) في "مسنده" (١٦٣٤٩
(١) "الفتح" ٧/ ٤٣٦ - ٤٣٧، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٥٣).