للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، في قوله تعالى: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣)} [الروم: ١ - ٣] قال: غُلِبت وغَلَبَت. قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أصحاب أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذُكر ذلك لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنهم سيغلبون"، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أَجَلًا، فإن ظَهَرْنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظَهَرْتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلًا خمس سنين، فلم يَظْهَروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ألا جعلتها إلى دون" أراه قال: "العشر"، قال سعيد بن جبير: البضع ما دون العشر، ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)}، وأخرجه الترمذيّ بنحوه، وقال: هذا حديث حسن صحيح (١).

وقوله: (مَشَى مِنْ حِمْصَ) - بكسر الحاء المهملة، وسكون الميم، بعدها صاد مهملة: بلدة معروفة بالشام، غير منصرف؛ للعلميّة والعجمة، قاله النوويّ رحمه الله (٢)، وقال المجد رحمه الله: حِمْصُ: كورة بالشام، أهلها يمانون، وقد تذكّر. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: فعلى هذا يجوز صرفها أيضًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إِلَى إِيلِيَاءَ)؛ أي: بيت المقدس، وفيه ثلاث لغات: أشهرها: إيلياء بكسر الهمزة واللام، وإسكان الياء بينهما، وبالمد، والثانية: كذلك، إلا أنها بالقصر، والثالثة: إِلْيَاءُ، بحذف الياء الأولى، ولإسكان اللام، وبالمدّ، حكاهنّ صاحب "المطالع"، وآخرون، وفي رواية لأبي يعلى الموصلي في مسند ابن عباس: الإيلياء بالألف واللام، قال صاحب "المطالع": قيل: معناه


(١) "جامع الترمذيّ" رقم (٣١٩٤).
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١١١.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٣٢٠.