للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: "هذا حينُ حَمِيَ الوَطيسُ"، وهو يقول: "قدما (١) يا عباس"، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيات، فرماهم بها، ثم قال: "انْهَزَمُوا ورب الكعبة"، قال: وربما قال: "ورب محمد". انتهى.

وساقها أبو عوانة رحمه الله في "مسنده" مطوّلةً، فقال:

(٥٤٠٦) - حدّثنا عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقوليّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، قال: سمعت الزهريّ، يقول: أخبرني كثير بن عباس، عن العباس، قال: لما كان يوم حنين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القعقاع بن أبي حدرد - رضي الله عنه - يأتيه بالخبر، فذهب إليهم، فإذا مالك بن عوف النَّصْريّ في جمع كثير من هوازن، وهو يحرِّضهم على الجهاد، ويقول: الْقَوهم بالسيوف صلتةً، ولا تَلْقَوهم بسهم، ولا برمح، فإن منهزمهم لا يردّه شيء دون النحر (٢)، فرجع إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فدخل على المسلمين من ذلك رُعْب شديد، وقال عمر: كذب يا رسول الله - قال سفيان -: وإنما قال عمر كذب لما رأى المسلمين قد دخلهم، فقال القعقاع لعمر بن الخطاب: لئن كذَّبتني يا ابن الخطاب لربما كذّبت بالحق، فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع ما يقول لي هذا؟، قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد كنت ضالًّا فهداك الله"، قال: وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في نحوٍ من عشرة آلاف، فقال رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لا نُغْلَبُ اليومَ من قلّة، فابتُلُوا بكلمته، فانهزموا، حتى لم يبق مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا العباس، وأبو سفيان بن الحارث - رضي الله عنه -، قال العباس: وكنت آخذًا بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه، وأبو سفيان آخذ بركابه عن يساره، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا عباسُ نادِ في الناس: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة"، قال سفيان: يُذَكِّرهم البيعةَ التي بايعوه تحت الشجرة، والشجرة: سمرةٌ بايعوه تحتها، على أن لا يَفِرُّوا، قال العباس: فناديت، فخَلَصت الدعوة إلى الأنصار، إلى بني


(١) لم أر من ضبطه، ولعله بفتح، فسكون من قَدَمَ القومَ، من باب نصر: إذا تقدّمهم، وصار أمامهم، فيكون المعنى: تقدّم أمام الشجعان، والله أعلم.
(٢) هكذا النسخة: "النحر" بالنون، ولعله مصحّف من "البحر"، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.