للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقبوه بأن الذي يثاب على ترك المعصية، هو الذي يَقْصِد بتركها رضا الله، كما تقدم في قوله: "إنما تركها من جرّاي".

وحَكَى ابنُ التين أنه يلزمه أن الزاني مثلًا مثاب، لاشتغاله بالزنا عن معصية أخرى، ولا يخفى ما فيه، ذكره في "الفتح" (١).

٧ - (ومنها): أنه استُدِلَّ بقوله: "حسنة كاملة" على أنها تُكْتَب حسنةً مضاعفةً، لأن ذلك هو الكمال، لكنه مشكلٌ يلزم منه مساواة مَن نَوَى الخير بمن فعله في أن كلًّا منهما يُكتب له حسنةً.

وأُجيب بأن التضعيف في الآية يقتضي اختصاصه بالعامل؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ}، والمجيء بها هو العمل، وأما الناوي، فإنما ورد أنه يُكتب له حسنة، ومعناه: يُكتب له مثل ثواب الحسنة، والتضعيف قدر زائد على أصل الحسنة، والعلم عند الله تعالى، قاله في "الفتح" أيضًا (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(المسألة الرابعة): قد أجاد الحافظ ابن رجب في شرح هذا الحديث، وأفاد، أحببت إيراده، وإن كان تقدّم فيما ذكرته في شرح الحديث، إلا أنه يكون فذلكةً وتلخيصًا لما مضى، قال بعد أن أورد أحاديث الباب وغيرها مما في معناها، ما حاصله:

فتضمنت هذه النصوص كتابة الحسنات والسيئات، والهم بالحسنة والسيئة، فهذه أربعة أنواع:

[النوع الأول]: عمل الحسنات، فتضاعَفُ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومضاعفة الحسنة بعشر أمثالها لازم لكل الحسنات، وقد دلَّ عليه قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، وأما زيادة المضاعفة على العشر لمن شاء الله أن يضاعف له، فدَلَّ عليه قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)} [البقرة: ٢٦١]،


(١) "الفتح" ١١/ ٣٣٦ - ٣٣٧ "كتاب الرقاق" رقم الحديث (٦٤٩١).
(٢) المصدر السابق.