للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منهم أبو معشر، قال: قال سلمان للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنا كنا بفارس إذا حُوصرنا خَندقنا علينا، فأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق حول المدينة، وعَمِلَ فيه بنفسه؛ ترغيبًا للمسلمين، فسارعوا إلى عمله، حتى فرغوا منه، وجاء المشركون، فحاصروهم.

وأما تسميتها الأحزابَ؛ فلاجتماع طوائفَ من المشركين على حرب المسلمين، وهم: قريش، وغَطَفان، واليهود، ومن تبعهم، وقد أنزل الله تعالى في هذه القصّة صدر "سورة الأحزاب".

وذكر موسى بن عقبة في "المغازي" قال: خرج حُييّ بن أخطب بعد قتل بني النضير إلى مكة يُحَرِّض قريشًا على حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كليب، وخرج كنانة بن الربيع بن أبي الْحُقَيق يسعى في بني غطفان، وَيحُضّهم على قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن لهم نصفَ ثمر خيبر، فأجابه عيينة بن حصن بن حُذيفة بن بدر الفزاريّ إلى ذلك، وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد، فأقبل إليهم طلحة بن خُويلد فيمن أطاعه، وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش، فنزلوا بِمَرّ الظَّهْران، فجاءهم من أجابهم من بني سُليم مددًا لهم، فصاروا في جمع عظيم، فهم الذين سماهم الله تعالى الأحزاب.

وذكر ابن إسحاق بأسانيده أن عِدّتهم عشرة آلاف، قال: وكان المسلمون ثلاثة آلاف، وقيل: كان المشركون أربعة آلاف، والمسلمون نحو الألف.

وذكر موسى بن عقبة أن مُدّة الحصار كانت عشرين يومًا، ولم يكن بينهم قتال إلا مُراماة بالنبل والحجارة، وأصيب منها سعد بن معاذ بسهم، فكان سبب موته، كما سيأتي.

وذكر أهل المغازي سبب رحيلهم، وأن نعيم بن مسعود الأشجعيّ ألقى بينهم الفتنة، فاختلفوا، وذلك بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له بذلك، ثم أرسل الله عليهم الريح، فتفرقوا، وكفى الله المؤمنين القتال. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الأحزاب": جمع حزب، وهو الجماعة من الناس، والجملة من الشيء. وتحزّب الناس: اجتمعوا، والحزب من القرآن جملة


(١) "الفتح" ٩/ ١٨٢ - ١٨٣، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٩٨).