للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سُداسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه مسلسل بالكوفيين، سوى شيخيه، فالأول نسائيّ، ثم بغداديّ، والثاني مروزيّ، وفيه الابن عن أبيه، وتابعيّ، عن تابعيّ.

شرح الحديث:

(عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) يزيد بن شريك، أنه (قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ) بن اليمان - رضي الله عنهما -، (فَقَالَ رَجُلٌ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه (١)، وذكر ابن إسحاق في "السيرة" أنه رجل من أهل الكوفة. (لَوْ) شرطيّة، جوابها "قاتلت"، قال في "الخلاصة":

"لَو"حَرْفُ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلّ … إِيلَاؤُهُ مُسْتَقْبَلًا لَكِنْ قُبِلْ

(أدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: حياته وجهاده في سبيل الله تعالى، (قَاتَلْتُ) الكفّار (مَعَهُ) - صلى الله عليه وسلم -، (وَأَبْلَيْتُ) بالبناء للفاعل؛ أي: بالغت في ذلك، واجتهدت فيه حتى يظهر منّي ما يُبْتَلَى؛ أي: ما يُختبَر، وقد تقدّم أن أصل هذا اللفظ الاختبار، وأن فيه لغتين، جمعهما زُهير في قوله [من الطويل]:

جَزَى اللهُ بِالإِحْسَانِ مَا فَعَلَا بِكُمْ … فَأَبْلَاهُمَا خَيْرَ الْبَلَاءِ الَّذِي يَبْلُو

وقد قيل: إن "بلا" في الخير، و"أبلى"، في الشر، قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

وقال في "النهاية": قال القتبي: يقال من الخير: أبليته إبلاءً، ومن الشرّ: بَلَوتُهُ أَبْلُوهُ بَلاءً، والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشرّ معًا، من غير فرق بين فعليهما، ومنه قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]. انتهى (٣).

(فَقَالَ حُذَيْفَةُ) - رضي الله عنه - منكرًا على الرجل قوله هذا، (أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟) هو على تقدير همزة الاستفهام الإنكاريّ؛ أي: أأنت تفعل ذلك؟؛ أي: من القتال، والإبلاء، والمعنى: لست ممن يفعله، قال النوويّ - رضي الله عنه -: معنى كلام


(١) "تنبيه المعلم" ص ٣٠٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٤٦.
(٣) "النهاية" ١/ ١٥٥.