أن يكون - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ أن المذكورين لا يؤمنون، والأولى أن يُدعى لكل حي بالهداية.
٨ - (ومنها): أن المباشرة أقوى من السبب وآكد، وذلك؛ لأنه قال في عقبة بن أبي مُعيط:"أشقى القوم" مع أنه كان فيهم أبو جهل، وهو أشدّ منه كفرًا، ولكن كان عقبة مباشرًا على ما مرّ بيانه.
٩ - (ومنها): قُوّة نفس فاطمة - رضي الله عنها - من صِغَرها؛ لِشَرَفها في قومها ونفسها، حيث صرخت بشتمهم، وهم رؤوس قريش، فلم يردّوا عليها.
١٠ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن مَن حَدَث له في صلاته ما يمنع انعقادها ابتداءً، لا تبطل صلاته، ولو تمادى، فلو كانت نجاسةَ، فأزالها في الحال، ولا أثر لها صحت صلاته اتفاقًا.
١١ - (ومنها): ما قال النوويّ: وفي هذا الحديث إشكالٌ، فإنه يقال: كيف استمرّ في الصلاة، مع وجود النجاسة على ظهره؟
وأجاب القاضي عياض بأن هذا ليس بنجس، قال: لأن الفرث، ورطوبة البدن طاهران، والسَّلا من ذلك، وإنما النجس الدم.
قال النوويّ: وهذا الجواب يجيء على مذهب مالك، ومن وافقه أن روث ما يؤكل لحمه طاهر، ومذهبنا، ومذهب أبي حنيفة، وآخرين نجاسته، وهذا الجواب الذي ذكره القاضي ضعيفٌ، أو باطل؛ لأن هذا السَّلا يتضمن النجاسة من حيث إنه لا ينفك من الدم في العادة، ولأنه ذبيحة عبّاد الأوثان، فهو نجس، وكذلك اللحم، وجميع أجزاء هذا الجزور.
وأما الجواب المرضيُّ أنه - صلى الله عليه وسلم - يَعْلَم ما وُضع على ظهره، فاستمرّ في سجوده؛ استصحابًا للطهارة، وما ندري هل كانت هذه الصلاة فريضة، فتجبَ إعادتها على الصحيح عندنا، أم غيرها، فلا تجب؟ فإن وجبت الإعادة فالوقت موسَّع لها، فإن قيل: يَبْعُد أن لا يُحِسّ بما وقع على ظهره، قلنا: وإن أَحَسّ به فما يتحقق أنه نجاسة. انتهى كلام النوويّ (١).
قال الجامع عفا الله عنه: جواب القاضي عياض: هو الصحيح، لا كما