للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نَكْبة، دَمِيت لأجلها، وفي الرواية الأخرى: أنه كان في بعض المشاهد، وفي البخاريّ: "بينا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يمشي إذْ أصابه حجر"، فقال البيت المذكور، ظاهر هاتين الروايتين مختلف، وأنهما قضيتان، ولكن العلماء حملوا الروايتين على أنهما قضية واحد، فقال القاضي أبو الوليد: لعل قوله: "في غار" مصحّف من غزو، وقال القاضي عياض: قد يراد بالغار هنا: الجيش والجمع، لا واحد غِيران التي هي الكهوف، فيوافق قوله: "في بعض المشاهد"، وقوله: "يمشي"، ولا يُعَدّ ذلك وهمًا.

قال القرطبيّ: وهذا ليس بشيء؛ إذ الغار ليس من أسماء الجيش. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ليس من أسماء الجيش" فيه نظر لا يخفى، بل إطلاق الغار على الجمع والجيش ذكره أهل اللغة، فقال الجوهريّ: والغارُ: الجيش، يقال: التقى الغاران؛ أي: الجيشان (٢)، وذكر المجد أيضًا من معاني الغار: الجمع الكثير من الناس، والجيش (٣).

والحاصل أن ما أوَّل به القاضي عياض تأويل صحيح، وعليه فلا حاجة لدعوى تعدّد القصّة، بل هي قصّة واحدة، فتأمل بالإمعان، والله تعالى وليّ التوفيق.

[تنبيه]: رواية ابن عيينة، عن الأسود بن قيس ساقها أبو بكر بن أبي شيبة - رحمه الله - في "مصنّفه"، فقال:

(٢٦٠٧١) - حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان في غار، فنكِبت إصبعه، فقال:

"هَلْ أنتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ … وَفي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ" (٤)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٦٤٧] (١٧٩٧) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، أنهُ سَمِعَ جُنْدُبًا يَقُولُ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ


(١) "المفهم" ٣/ ٦٥٥ - ٦٥٦.
(٢) "الصحاح" ص ٧٨٨.
(٣) راجع: "القاموس المحيط" ص ٩٦٥.
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" ٥/ ٢٨٠.