للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن هشام: ويقال: "أترهنونني نساءكم؟ "، قال: كيف نرهنك نساءنا، وأنت أشبّ أهل يثرب، وأعطرهم، قال: أترهنونني أبناءكم؟ قال ابن إسحاق: فحدّثني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مشى معهم إلى بقيع الغرقد، ثم وجّههم، فقال: انطلقوا على اسم الله؛ اللهم أعِنْهم"، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته، وهو في ليلة مُقْمِرة، وأقبلوا حتى انتهوا إلى حِصنه، فهَتَف به أبو نائلة، وكان حديث عهد بعُرس، فوَثَب في مِلْحفته، فأخذت امرأته بناحيتها، وقالت: إنك امرؤ محارب، وإن أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة، قال: إنه أبو نائلة، لو وجدني نائمًا لَمَا أيقظني؛ فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشرّ، قال: يقول لها كعب: لو يُدعى الفتى لِطَعْنة لأجاب، فنزل، فتحدّث معهم ساعة، وتحدثوا معه، ثم قال: هل لك يا ابن الأشرف أن تتماشى إلى شِعب العجوز، فنتحدث به بقية ليلتنا هذه؟ قال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فمشوا ساعة، ثم إن أبا نائلة شَامَ يده فيٍ فَوْد رأسه، ثم شمّ يده، فقال: ما رأيت كالليلة طيبًا أعطر قط، ثم مشى ساعة، ثم عاد لمثلها، حتى اطمأنّ، ثم مشى ساعةً، ثم عاد لمثلها، فأخذ بفَوْد رأسه، ثم قال: اضربوا عدوَّ الله، فضربوه، فاختلفت عليه أسيافهم، فلم تُغْن شيئًا، قال محمد بن مسلمة: فذَكَرت مِغْولًا في سيفي، حين رأيت أسيافنا لا تغني شيئًا، فأخذته، وقد صاح عدوّ الله صيحةً لم يبق حولنا حصنٌ إلا وقد أُوقدت عليه نار، قال: فوضعته في ثُنَّته، ثم تحاملت عليه، حتى بلغت عانته، فوقع عدوّ الله، وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ، فجُرح في رأسه، أو في رجله، أصابه بعض أسيافنا، قال: فخرجنا حتى سلكنا علي بني أمية بن زيد بني قريظة، ثم على بُعاث، حتى أسندنا في حَرّة العريض، وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس، ونزفه الدم، فوقفنا له ساعة، ثم أتانا يتبع آثارنا، قال: فاحتملناه، فجئنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر الليل، وهو قائم يصلي، فسلّمنا عليه، فخرج إلينا، فأخبرناه بقتل عدوّ الله، وتَفَل على جُرح صاحبنا، فرجع، ورجعنا إلى أهلنا، فأصبحنا، وقد خافت يهود لوقعتنا بعدوّ الله، فليس بها يهودي، إلا وهو يخاف على نفسه. انتهى (١).


(١) "سيرة ابن هشام" ٢/ ٥٤.