وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أقام بعد الرجوع من الحديبية عشر ليال"، وفي مغازي سليمان التيميّ:"أقام خمسة عشر يومًا"، وحَكَى ابن التين عن ابن الحصار: أنها كانت في آخر سنة ستّ، وهذا منقول عن مالك، وبه جزم ابن حزم.
قال الحافظ رحمه الله: وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بأن مَن أَطلق سنة ستّ بناه على أن ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقيّ، وهو ربيع الأول.
وأما ما ذكره الحاكم عن الواقديّ، وكذا ذكره ابن سعد: أنها كانت في جمادى الأولى، فالذي رأيته في "مغازي الواقدي": أنها كانت في صفر، وقيل: في ربيع الأول، وأغرَبُ من ذلك ما أخرجه ابن سعد، وابن أبي شيبة، من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال:"خرجنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر لثمان عشرة من رمضان … " الحديث، وإسناده حسنٌ، إلا أنه خطأ، ولعلها كانت إلى حُنَين، فتصحَّفت، وتوجيهه بأن غزوة حُنين كانت ناشئة عن غزوة الفتح، وغزوة الفتح خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها في رمضان جزمًا، والله أعلم.
وذكر الشيخ أبو حامد في "التعليقة": أنها كانت سنة خمس، وهو وَهَمٌ، ولعله انتقال من الخندق إلى خيبر.
وذكر ابن هشام أنه - صلى الله عليه وسلم - استَعْمَل على المدينة نُميلة - بنون، مصغّرًا - ابن عبد الله الليثيّ، وعند أحمد، والحاكم، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سِبَاع بن عُرْفُطة، وهو أصح. انتهى (١).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٤٦٥٦](١٣٦٥) - (وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْن حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِي: ابْنَ عُلَيَّة - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا خَيْبَرَ، قَالَ: فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَكِبَ أبو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ