للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَختلف أهل السِّيَر أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة من وَهَم بعض الرواة، قال: ويَحْتَمِل أن يُجمع بأن يقال: يَحْتَمِل أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان أغزى سريّة، فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فَتْحها، فأخبر سلمة عن نفسه، وعمن خرج معه؛ يعني: حيث قال: "خرجنا إلى خيبر"، قال: ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين. انتهى.

قال الحافظ: وسياق الحديث يأبى هذا الجمع، فإن فيه بعد قوله: "حين خرجنا إلى خيبر، مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -": فجعل عامر يرتجز بالقول، وفيه قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن السائق؟ "، وفيه مبارزة عليّ لمرحب، وقَتْل عامر، وغير ذلك، مما وقع في غزوة خيبر، حين خرج إليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعلى هذا ما في "الصحيح" من التاريخ لغزوة ذي قرد أصحّ مما ذكره أهل السِّير.

ويَحْتَمِل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح وقعت مرتين: الأولى: التي ذكرها ابن إسحاق، وهي قبل الحديبية، والثانية: بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة، كما في سياق سلمة عند مسلم، وبؤيّده أن الحاكم ذكر في "الإكليل" أن الخروج إلى ذي قرد تكرر، ففي الأُولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أُحد، وفي الثانية خرج إليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الآخر، سنة خمس، والثالثة هذه المختلَف فيها. انتهى، فإذا ثبت هذا قَوِي هذا الجمع الذي ذكرته. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٤٦٦٨] (١٨٠٦) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِبدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِي: ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ، قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ:


(١) "الفتح" ٩/ ٢٨٩، كتاب "المغازي" رقم (٤١٩٤).