للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الواحد منهم أن يَذُبّ عن نفسه، أو يستمرّ على بصيرته في القتال إلى أن يُقْتَلَ، وهم أكثر الصحابة، وفرقة ثبتت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم تراجع إليه القسم الثاني شيئًا فشيئًا لَمّا عَرَفُوا أنه حَيّ، قال: وبهذا يُجمَع بين مختلف الأخبار في عِدّة من بقي مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعند محمد بن عائذ من مرسل المطلب بن حنطب: "لم يبق معه سوى اثني عشر رجلًا"، وعند ابن سعد: "ثبت معه سبعةٌ من الأنصار، وسبعة من قريش".

وفي مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه -: "أُفْرِد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش: طلحة، وسعد"، وقد سرد أسماءهم الواقديّ، واقتصر أبو عثمان النَّهْديّ على ذكر طلحة، وسعد، وهو في الصحيح.

وأخرج الطبريّ من طريق السُّدّيّ أن ابن قَمِئة لَمّا رَمَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكَسَر رَبَاعيته، وشَجّه في وجهه، وتفرّق الصحابة منهزمين، وجَعَل يدعوهم، فاجتمع إليه منهم ثلاثون رجلًا، فذكر بقية القصة. انتهى (١).

وقوله: (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بـ "انهزَمُوا"، (وَأَبُو طَلْحَةَ) زيد بن سهل الأنصاريّ، زوج أمّ سُليم والدة أنس، تقدّم قريبًا، وكان أنس - رضي الله عنه - حمل هذا الحديث عنه، فـ "أبو طلحة" مبتدأ خبره قوله: (بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) وقوله: (مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ) خبر بعد الخبر، وفي بعض النسخ: "مُجَوِّبًا"، وهو منصوب على الحال، وهو بضمّ أوله، وفتح الجيم، وتشديد الواو المكسورة، بعدها موحّدة؛ أي: مترَّسٌ عنه؛ ليقيه سلاحَ الكفّار، ويقال للتُّرْس: جَوْبَة، قاله في "الفتح" (٢)، وقيل: أصل التجويب: الاتقاء بالجَوْب، بوزن الثوب، وهو الترس.

(بِحَجَفَةٍ) بفتحات؛ أي: بتُرس. (قَالَ) أنس (وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا)؛ أي: عالمًا بالرمي، (شَدِيدَ النَّزْعِ) - بفتح النون، والزاي الساكنة، ثم المهملة -؛ أي: شديد الرَّمْي بالسهام، وفي رواية عند البخاريّ في "الجهاد" من وجه آخر بلفظ: "كان أبَو طلحة حَسَنَ الرمي، وكان يتترّس مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) "الفتح" ٩/ ١٣٤ - ١٣٥، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٦٤).
(٢) "الفتح" ٩/ ١٣٤ - ١٣٥، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٦٤)، وشرح النوويّ" ١٢/ ١٨٩.