يجدون الإمارة، ويكرهون الولاية حتى يقعوا فيها، وهذا يَحْتَمِل وجهين:
أحدهما: أنهم إذا وقعوا فيها عن رَغْبة وحرص زالت عنهم محاسن الأخيار؛ أي: صفة الخيرية، كقوله:"مَن وُلِّي القضاء، فقد ذبح بغير سكين".
والآخر: أن خيار الناس هم الذين يكرهون الإمارة، حتى يقعوا فيها، فإذا وقعوا فيها، وتقلدوها زال معنى الكراهة، فلم يَجُز لهم أن يكرهوها، ولم يقوموا بالواجب من أمورها؛ أي: إذا وقعوا فيها فعليهم أن يجتهدوا في القيام بحقها، فِعْلَ الراغب فيها، غير كارهٍ لها. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٤٦٩٣ و ٤٦٩٤](١٨١٨)، و (البخاريّ) في "المناقب"(٣٤٩٥)، و (الترمذي) في "المناقب"(٣٩٠٣)، و (همّام بن منبّه) في "صحيفته"(١٢٩)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١٩٨٩٥)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢٣٨٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١٢/ ١٦٠ و ١٦٨)، و (الحميديّ) في "مسنده"(١٠٤٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ١٦١ و ٢٤٢ - ٢٤٣ و ٣١٩ و ٣٩٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٢٦٤)، و (ابن أبي عاصم) في "السنّة"(١٥١١)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١١/ ١٤٠) و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٤١)، و (البغويّ) في "شرح السُّنّة"، (٣٨٤٤ و ٣٨٤٥ و ٣٨٤٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه بيان فضل قريش على سائر الناس، حيث إنهم صاروا تبعًا لهم جاهليّة، وإسلامًا.
٢ - (ومنها): ما قال النوويّ - رحمه الله -: هذه الأحاديث، وأشباهها دليل ظاهر