للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصلها من الْحَطم، وهو كسر الحُطام، وقيل: هو الأَكول، يقال: رجلٌ حُطَمةٌ: إذا كان كثير الأكل. انتهى (١).

وقال في "الفائق": "الْحُطمة": هو الذي يُعنّف الإبل في السوق، والإيراد، والإصدار، فيحطمها، ضَرَبه مَثلًا لوالي السَّوء.

وقال الطيبيّ: لَمّا استعار للوالي والسلطان لفظ الراعي أتبعه بما يُلائم المستعار منه، من صفة الحطم، فالْحُطَمة ترشيحٌ لاستعارة الراعي لهم.

وقال البيضاويّ: المراد بالحطمة الفظّ القاسي الذي يظلم الرعيّة، ولا يرحمهم، من الحطم، وهو الكسر، وقيل: المأكول الحريص الذي يأكل ما يري، ويقضمه، فإنّ مَن هذا دأبه يكون دنيء النفس، ظالِمًا بالطبع، شديد الطمع فيما في أيدي الناس. انتهى (٢).

(فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ")؛ أي: أُحذّرك من كونك من هؤلاء الحطمة، (فَقَالَ) عبيد الله (لَهُ)؛ أي: لعائذ بن عمرو - رضي الله عنه -، (اجْلِسْ) لعله كان قائمًا حينما وعظه، (فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)؛ أي: من سِفْلتهم، وهذا جراءة من هذا الأمير الجائر، واعتداء على الصحابيّ الجليل - رضي الله عنه -، بل على جملة من أصحابه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نعوذ بالله من الخذلان.

و"النخالة" - بضمّ الميم، وتخفيف الخاء المعجمة - هو قشر الحبّ الذي لا يأكله الآدميّ.

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إنما أنت من نخالة أصحاب محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -": أراد تنقيصه، وذَمّه، وتصغيره، والنخالة: ما بَقِي من قشور الطعام بعد غَرْبلته. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إنما أنت من نخالتهم"؛ يعني: لست من فُضلائهم، وعلمائهم، وأهل المراتب منهم، بل من سَقَطهم، والنخالة هنا


(١) "المفهم" ٤/ ٢٥.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٧٠.
(٣) "مشارق الأنوار" ٢/ ٦.