للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أطاع: إذا انقاد، والمعصية مأخوذة من عَصَى: إذا اشتد، "وأولو" واحدهم "ذُو" على غير قياس، كالنساء، والإبل، والخيل، كلُّ واحد اسم جمع، ولا واحد له من لفظه، وقد قيل في واحد الخيل: خائل، قاله القرطبيّ المفسّر - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

[تنبيه]: قال في "الفتح": والنكتة في إعادة العامل في الرسول، دون أولي الأمر، مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى، كون الذي يُعرَف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسُّنَّة، فكأن التقدير: أطيعوا الله فيما نَصَّ عليكم في القرآن، وأطيعوا الرسول فيما بَيَّن لكم من القرآن، وما ينصه عليكم من السُّنَّة، أو المعنى: أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبَّد بتلاوته، وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن، ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية لَمّا قال له: أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فقال له: أليس قد نُزِعَت عنكم - يعني: الطاعة - إذا خالفتم الحقّ بقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية [النساء: ٥٩].

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} عطفٌ على {أَطِيعُوا اللَّهَ}، وكرّر الفعل في قوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إشارة إلى استقلال الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالطاعة، ولم يُعِدْه في قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} إشارةً إلى عدم استقلالهم بالطاعة، بل إنما يطاعون إذا أطاعوا الله تعالى، ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فطاعتهم تابعة لطاعتهما، كما أوضح ذلك بعده بقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} كأنه قيل: إذا لَمْ يكن أولو الأمر مستقيمين، وشاهدتم منهم خلاف الحقّ، فردّوه إلى الحقّ، وهو الكتاب والسُّنّة، ولا يأخذكم في الله لومة لائم. انتهى بتصرّف (٢).

(فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيِّ) هو: عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عَدِيّ بن سُعيد بن سَعْد بن سَهْم بن عمرو بن هُصَيص


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٢٦١.
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٧٦.