للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "إنكم لأَعِفّة صُبْرٌ"، أخرجه الترمذيّ، والحاكم، من وجه آخر، عن أنس، عن أبي طلحة، وسنده ضعيف (١).

(أَنَّ رَجُلًا) لم يُعرف اسمه (٢). (مِنَ الأَنْصَارِ خَلَا بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي)؛ أي: تجعلني عاملًا على الصدقة، أو على بلد، قال الأبّيّ - رحمه الله -: لعله قبل النهي عن سؤال الإمارة، أو بعده، ولم يبلغه، والظاهر أنه لم يُسعفه، وقد قال: "إنا لا نولّي عملنا من سأله"، ولم ينكر عليه سؤاله الإمارة كما أنكر على غيره، كما تقدّم، فلعله رأى أن الحامل له على السؤال إنما هو عدم الصبر على الأثرة. انتهى (٣).

(كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟) لم يُعرف اسمه أيضًا، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً) - بفتح الهمزة، والمثلثة، أو بضم الهمزة، وسكون المثلثة - وأشار بذلك إلى أن الأمر يصير في غيرهم، فيختصون دونهم بالأموال، وكان الأمر كما وصف- صلى الله عليه وسلم -، وهو معدود فيما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - من الأمور الآتية، فوقع كما قال (٤).

والسر في جوابه - صلى الله عليه وسلم - عن طلب الولاية بقوله: "سترون بعدي أثرة" إرادة نفي ظنِّه أنه آثر الذي ولَّاه عليه، فَبَيَّن له أن ذلك لا يقع في زمانه - صلى الله عليه وسلم -، وإنه لم يخصه بذلك لذاته، بل لعموم مصلحة المسلمين، وأن الاستئثار للحظ الدنيويّ إنما يقع بعده، وأَمَرهم عند وقوع ذلك بالصبر (٥)، فقال: (فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ) فيه بشارة للأنصار أنهم سَيَرِدُون حوضه - صلى الله عليه وسلم - (٦).

وقال السنديّ - رحمه الله - قوله: "إنكم ستلقون بعدي أثرة": اسم من الإيثار؛ أي: إن الأمراء بعدي يُفَضِّلون عليكم غيركم، يريد: أنك ظننت هذا القدر أثرة،


(١) "الفتح" ٨/ ٤٩٣ - ٤٩٤، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٧٩٢).
(٢) ذكر الحافظ في "الفتح" (٨/ ٤٩٤): أنه ذَكَر في "المقدمة" أن السائل أسيد بن حضير، والمستعمَل عمرو بن العاص، قال: ولا أدري الآن من أين نقلته؟ انتهى.
(٣) "شرح الأبّيّ" ٥/ ١٩١.
(٤) "الفتح" ٨/ ٤٩٣ - ٤٩٤، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٧٩٢).
(٥) "الفتح" ١٦/ ٤٤١، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٥٧).
(٦) "المفهم" ٤/ ٥٤.