للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكور: وهذا الحديث قد أخرجه مسلم في "صحيحه" متّصلًا من وجه آخر، من حديث بُسْر بن عبد الله الحضرميّ الشاميّ، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن حذيفة - رضي الله عنه -، وهو أتمّ من حديث أبي سلّام، وكذلك أخرجه البخاريّ في "صحيحه" أيضًا، فإن ثبت أن أبا سلّام لم يسمع من حذيفة، فقد بيّنّا أن هذا الحديث متّصلٌ في "الصحيحين" من حديث أبي إدريس، عن حذيفة - رضي الله عنه -، وبالله التوفيق. انتهى (١).

وقال النوويّ بعد نقل كلام الدارقطنيّ أيضًا: وهو كما قال الدارقطنيّ، لكن المتن صحيح، متصل بالطريق الأول، وإنما أتى مسلم بهذا متابعةً كما ترى، وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا رُوي من طريق آخر متصلًا تبينّا به صحة المرسل، وجاز الاحتجاج به، ويصير في المسألة حديثان صحيحان. انتهى (٢).

وقوله: (فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ) الْجُثمان بضمّ الجيم، وسكون الثاء المثلّثة: الجُثّة؛ يعني: في جسم الإنسان.

وقوله: (وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ، وَأَطِعْ)؛ يعني: أن ظُلمهم لنفسك، وأخْذهم لمالك لا يصلح مبرّرًا لخروجك عن طاعتهم، وبغيك عليهم.

[فإن قلت]: صحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قُتل دون ماله فهو شهيد"، متّفقٌ عليه، فكيف يوفّق بينه وبين هذا الحديث؟.

[أجيب]: بأن ذلك محمول على غير الأمراء، فيجوز أن يقاتِل الإنسان دون ماله، أو دون دمه، أو دون حريمه، فإن قُتل كان شهيدًا، وأما الأمراء فلا يقاتَلون، بل يجب دفع المال إليهم؛ دفعًا للفتنة؛ وبهذا يُجمع بين الحديثين، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تمام البحث فيه في الذي قبله، ولله الحمد والمنّة.


(١) "غرر الفوائد" ص ٥٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٣٥ - ٢٣٦.