للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال محمد بن نصر المروزيّ في "تعظيم قدر الصلاة": وقال الحسن وفسّره: فمن أنكر بلسانه، فقد برئ، فقد ذهب زمان هذا، ومن كره بقلبه، فقد سَلِم، وقد جاء زمان هذا، قال: ولكن مَن رَضِيَ وتابع، قال الحسن: فأبعده الله. انتهى (١).

ونقل الطيبيّ عن المظهر أنه قال: هذا التفسير غير مستقيم؛ لأن الإنكار يكون باللسان، والكراهة بالقلب، ولو كان كلاهما بالقلب لكانا مُنْكَرين؛ لأنه لا فرق بينهما بالنسبة إلى القلب، وقد جاء هذا الحديث في رواية أخرى، وفي تلك الرواية: "من أنكر بلسانه برئ، ومن أنكر بقلبه، فقد سَلِم".

وتعقّبه الطيبيّ، فقال: أقول: هذا التعليل غير مستقيم، وأول شيء يدفعه ما في الحديث من قوله: "تُنكرون"؛ لأن هذا الإنكار ليس إلا بالقلب؛ لوقوعه قسيمًا لـ "تعرفون"، ومعناه على ما قال الشيخ التوربشتيّ، والقاضي: أي: تَرَوْن منهم من حسن السيرة ما تعرفون، وترون من سوء السيرة ما تنكرون؛ أي: تجهلونه، فإن المعروف ما يُعرف بالشرع حُسنه، والمنكر عكسه، ولأن قوله: "فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سَلِم" تفصيل لـ "تنكرون" بشهادة الفاء في "فمن أنكر"، ولن يكون المفصّل مخالفًا للمجمَل؛ ومعناه: فمن أنكر ما لا يُعرف حُسنه في الشرع، فقد برئ من النفاق، ومن لم يُنكره حقّ الإنكار، بل كرهه بقلبه، فقد سَلِم، ولا بدّ لمن أنكره بقلبه حقّ الإنكار أن يُظهره بالمكافحة بلسانه، بل يجاهد بيده، وجميع جوارحه، وإذا قيّد الإنكار بقلبه أفاد هذا المعنى، وإذا خصّ بلسانه لم يُفده، ويدلّ على أن الإنكار إذا لم يكن كما ينبغي سُمّي بالكراهة.

قال: وحاشا لمكانة إمام أئمة الدنيا - أعني: مسلمًا - أن يَخرج مِن فيه كلام غير مستقيم، لا سيّما في تفسير الكلام النبويّ. انتهى (٢).


(١) "تعظيم قدر الصلاة" ٢/ ٩٠٨.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٢.