للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ: رويناه "يُسْمَعُ"، و"يُفْقَهُ" بالياء المثنّاة من تحتُ - مبنيًّا لما لم يُسمّ فاعله، ونائب فاعله قوله: "دويّ صوته". وبالنون فيهما مبنيًّا للفاعل، و"دويَّ صوته" منصوب على المفعوليّة، وكلاهما واضح الصحّة. انتهى بزيادة (١).

(دَوِيَّ صَوْتِهِ) أي: بعده في الهواء، ومعناه شدّة صوتٍ لا يُفهَمُ، وهو بفتح الدال، وكسر الواو، وتشديد الياء هذا هو المشهور، وحَكَى صاحب "المطالع" فيه ضمّ الدال أيضًا. قاله النوويّ (٢).

وقال في "الفتح": "الدَّوِيُّ" - بفتح الدال، وكسر الواو، وتشديد الياء - كذا في روايتنا، وقال القاضي عياض: جاء عندنا في البخاري بضم الدال، قال: والصواب الفتح، وقال الخطابي: صوت مرتفع مُتَكَرِّرٌ، ولا يُفْهَم، وإنما كان كذلك؛ لأنه نادى من بُعْد (٣).

وقال في "العمدة": يقال الدويّ: بُعدُ الصوت في الهواء، وعُلُوّه، ومعناه: صوتٌ شديدٌ لا يُفهَم منه شيءٌ كدويّ النحل، وقال الشيخ قطب الدين: هو شدّة الصوت وبُعْده في الهواء، مأخوذ من دَوِيّ الرعد، ويقال: هو شدّة صوت لا يُفهَم، فلما دنا فُهِم كلامه، فلهذا قال: "فإذا هو يسأل"، وقال الجوهريّ: دَويّ الريح حَفِيفها، وكذلك دويّ النحل والطائر، ويقال: دَوَّى النحلُ تدويةً، وذلك إذا سمعتَ لِهَدِيره دويًّا، والدويّ أيضًا السحاب ذو الرعد المرتجس. انتهى (٤).

(ولَا نَفْقَهُ) من الفقه، من باب تَعِبَ، وهو الفهم، قال الله تعالى: {يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)} [طه: ٢٨]: أي: يفهموا (مَا يَقُولُ) "ما" موصولة مفعول به لـ "نفقه"، و"يقول" صلتها، والعائد محذوف، أي: يقوله، إنما لم يفهموه لأنه نادى من بعيد، فلما دنا فَهِموه، كما بيّنه قوله: (حَتَّى دَنَا) من الدنوّ، وهو القرب، أي: إلى أن قَرُب، فـ "حتَّى" هنا للغاية بمعنى "إلى" (مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا) هي "إذا" الفجائيّة، وهي تختصّ بالجمل الاسميّة، ولا تحتاج إلى جواب، ولا تقع في


(١) "المفهم" ١/ ١٥٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١/ ١٦٦.
(٣) "الفتح" ١/ ١٣١.
(٤) "عمدة القاري" ١/ ٢٦٦.