للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَمُرَةٌ) جملة مستأنفة، بيّن بها نوع الشجر، وهذا الاستئناف هو الذي يُسمّى استئنافًا بيانيًّا، وهو الذي وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، فكأن سائلًا سأل، فقال: ما هي الشجرة؟ فأجابه بأنها سَمُرة، وهي بفتح السين المهملة، وضمّ الميم، بعدها راء جمعها سَمُر، وزان رَجُلٍ، وهي شجر الطَّلْحِ، وهو نوع الْعِضَاهِ، قاله الفيّوميّ (١).

وقال المرتضى الزبيديّ في "التاج": السّمُرة بفتح السين، وضمّ الميم: شجرة معروفة، صغيرة الورق، قصيرة الشوك، وله بُرْمة صفراء، يأكل الناس فيها، وليس في العِضَاه شيء أجود خشبًا منها، يُنقل إلى القرى، فتغمى به البيوت. انتهى (٢).

(وَقَالَ) جابر - رضي الله عنه - (بَايَعْنَاهُ) وفي بعض النسخ: "فبايعناه"؛ أي: بايعنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (عَلَى أَلَا نَفِرَّ)؛ أي: لا نفرّ عند ملاقاة العدوّ، وإن كان يؤدّي إلى الموت، وإنما بايعوه على هذا؛ لكونه في مقدور المكلّفين، يستطيعون الوفاء به.

[تنبيه]: سبب هذه البيعة أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة إلى مكة لأداء العمرة، فلما وصل الحديبية منعته قريش، وصدّته عن البيت، فدعا - صلى الله عليه وسلم - خِرَاش بن أمية الخزاعيّ، فبعثه إلى قريش بمكة، وحمله على بعير له، يقال له: الثعلب؛ ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعَقَروا به جمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش، فخلَّوا سبيله حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثم دعا - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليبعثه إلى مكة، فيبلّغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكة من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغلظتي عليها، ولكني أدلّك على رجل أعزّ عليها مني، عثمان بن عفان، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان، وأشراف قريش، يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت، ومعظِّمًا لحرمته، فخرج


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٨٨.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٣/ ٢٧٨.